البوابة 24

البوابة 24

إعلان الجزائر يشكل خطوة نوعية لإنهاء الانقسام الفلسطيني

بقلم: عمران الخطيب

 رعاية الرئيس عبد المجيد تبون الشخصية للحوار الفلسطيني، وحضور وزير خارجية الجزائر رمطان العمايرة ينطلق في إطار حرص الجزائر على وحدة الموقف الفلسطيني، قبل إنعقاد القمة العربية، حيث تنعقد في حالة من الهرولة العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، حالة الانقسام الفلسطيني دفع العديد من الدول العربية إستغلال ذلك في إتجاه الهرولة نحو التطبيع مع الإحتلال الإسرائيلي، والاتفاقيات الثنائية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وفي نفس الوقت فإن القضية الفلسطينية لم تبقى القضية المركزية لدى العرب؛ بسبب غياب عامل الأمن القومي العربي، إضافة إلى التطورات التي إصابة الدول العربية من خلال ما يسمى الربيع العربي الذي أفقد العديد من الدول الأمن الوطني وحل مكان تلك الفوضى والفتنة بكل أشكالها وإستغلال ما حدث من قبل القوى الاستعمارية، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" وبريطانية وبعض الدول الأوروبية بدعم ورعاية الجماعات الإرهابية المسلحة، التي هي في الأساس صناعة إسرائيلية أمريكية غربية مشتركة تهدف إلى إسقاط الدولة ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية، ويحل مكان ذلك الفوضى والفتنة، كما حدث في العراق وليبيا وسوريا وتونس ومصر واليمن، وأمام كل هذه التداعيات فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تهتم في تحقيق حل القضية الفلسطينية، تحت عنوان حل الدولتين وخاصة مع تغيب دور الرباعية الدولية، مع تولي الرئيس السابق دونالد ترامب وفريقه الإدارة الأمريكية والذي يعبر عن رؤية اليمين المتطرف، "المسيحيين الجدد" التي تعتبر نفسها القوى المهيمنة في أمريكا وأصحاب النفوذ في الإنتخابات الأمريكية وهم الوجه الآخر للصهيونية.

لكل تلك الأسباب والتطورات دفعت في الرئيس عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الطلب من الرئيس أبو مازن التدخل في إتمام المصالحة الفلسطينية خلال زيارته الرسمية إلى الجزائر نهاية العام الماضي، وحرصاً من الجزائر الشقيق على وحدة الموقف الفلسطيني، دعت الجزائر الفصائل الفلسطينية والعديد من الشخصيات الوطنية المستقلة إلى حوارات ثنائية مع مختلف الفصائل الفلسطينية وعدد من الشخصيات الفلسطينية المستقلة، وجرى النقاش والحوار الثنائي وقد بلورت الجهات الجزائرية المعنية في متابعة الحوار الفلسطيني إلى النتائج التي تشكل عوامل التوافق بين الفصائل وبشكل خاص بين الحركتين فتح وحماس، وتم إعداد مسودة مشروع "إعلان الجزائر"، وتم عرض ذلك على وفد حماس تم دعوته للإطلاع وقد أبدى بعض الملاحظات والاقتراحات ووصل وفد حركة فتح وقدم بعض الملاحظات والتحفظات، وتم تعديل في المسودة وتم إبلاغ حماس بذلك.

وعلى ضوء تلك النتائج وجهت الجزائر الدعوة للفصائل الفلسطينية، وتم إفتتاح الجلسة الافتتاحية بحضور وزير الخارجية الجزائري، وبعد ذلك بدأت أعمال الجلسة بحضور الفصائل المشاركة وعددهم 13، إضافة إلى التجمع الفلسطيني برئاسة السيد منيب المصري، وتم قراءة بنود إعلان الجزائر وهو من 9 نقاط حصيلت ما يشكل حالة من التوافق الفلسطيني وتم خلال قراءة البنود تعديل بعض النقاط، ولكن بند تشكيل حكومة وحدة وطنية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية كانت المعضلة لبعض الفصائل، وبشكل خاص حركة حماس، حيث تداعي بعدم قبولها الإعتراف بشرعية الدولية، في حين لا تتمكن أي حكومة المرور ومخاطبة العالم وتعاون مع المجتمع الدولي بدون القبول والاعتراف في الشرعية الدولية، وبعد حوار ووجهات نظر مختلفة تم تأجيل البحث في هذه الفقرة إلى اليوم ويتم إنجاز باقي البنود في اليوم التالي، تمكن فريق من المشاركين الوصول إلى توافق يتعلق في بند تشكيل الحكومة وتم الإعلان عن ذلك وتبين فيما بعد أن المطلوب إبقاء صيغة بند تشكيل حكومة وحدة وطنية كما سبق وكان وارد في النص الأساسي، والذي ينص على إلتزام الفصائل المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بقرارات الشرعية الدولية.

من حق الفصائل غير المشاركة عدم القبول مثل حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وباقي الفصائل والتي لا تريد المشاركة في هذه الحكومة، حركة حماس سبق وافقت على وثيقة الوفاق الوطني "ووثيقة الأسرى" كما وافقت على مبادرات السلام العربية ووافقت على إتفاق القاهرة 2011، ووافقت على هدنة متكررة مع الإحتلال الإسرائيلي ووافقت في تعديل ميثاقها عام2017 والقبول بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، استغرب هذه الازدواجية في سلوك حماس السياسي وخطاباتها الإعلامية والتي تبقي على إستمرار الانقسام والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لقد حققت حماس نجاحاً في استخدام ملف المصالحة بفتح العلاقات مع الجزائر ومصافحة واللقاء مع الرئيس عبد المجيد تبون والجميع على قناعة بأن حماس وقيادتها وان وافقت غدا على تشكيل حكومة وحدة وطنية من غير الممكن إنهاء الانقسام، حيث تعتبر حماس أن سيطرتها على قطاع غزة أصبح حق مكتسب مالي وسياسي بالدرجة الأولى ليس لحماس فحسب بل لحركة الاخوان المسلمين بشكل عام، إضافة إلى إن حماس تشكل كيان دولة متكاملة العناصر الأساسية في قطاع غزة وهو سر بقائها حتى اليوم، إضافة إلى العوائد المالية والإقتصادي، حيث يقدر الداخل الشهري من عائدات الضرائب والرسوم والجمارك يتجاوز 60مليون دولار أمريكي شهري، إضافة إلى الدعم المالي الشهري من دولة قطر ومن دول أخرى، ويتم تحول إلى خزينة حماس ولا يتم صرف أي من تلك العوائد المالية على المواطنين الفلسطينيين بقطاع غزة، حيث تتحمل السلطة الوطنية الفلسطينية كافة النفقات المالية والتي تقدر مئات مليون دولار أمريكي شهري، في الصحة وتعليم والشؤون الاجتماعية والمياه والكهرباء والخدمات العامة بما في ذلك من ترتيبات مالية تقدم من السلطة الفلسطينية إلى وكالة الغوث الأونروا.

ومن جانب آخر فإن حماس و"إسرائيل" تعتبر بأن الدولة الفلسطينية تنحصر في قطاع غزة، حيث تعتبر الضفة الغربية يهودا وسامرة وتم ضم القدس الشرقية عام1979 بإقرار من الكنيست الإسرائيلي وقد أكمل ذلك الرئيس دونالد ترامب وفريقه بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس تحت مسمى القدس العاصمة الموحدة لدولة "إسرائيل"، إن المعضلة الأساسية إستمرار حماس في فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية مما يؤدي إلى إضعاف القضية الفلسطينية في ضل التصعيد الإسرائيلي والإرهاب المتواصل والقتل اليومي والاعتقالات والاستمرار في الاستيطان ومصادرة الأراضي ونسف البيوت والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك من قبل المستوطنين المتطرفين الصهاينة؛ لذلك فإن المطلوب وضع آليات لتنفيذ إعلان الجزائر الذي يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني وإتفاق القاهرة أيار 2011، وضرورة الوصول إلى إتفاق بتشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم الفصائل الفلسطينية المشاركة في الحكومة بقرارات الشرعية الدولية للأمم المتحدة، حتى تتمكن الحكومة من التحرك والقيام بواجباتها في إدارة الشؤون الداخلية لكل الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى ملف الشراكة السياسية والمشاركة فى منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها التنفيذية وشرعية، لا يجوز الحديث عن الشاركة السياسية قبل إنهاء الانقلاب الدموي الأسود لحركة حماس والذي يتمثل في إستمرار سيطرتها على قطاع غزة الذي تحول سجن كبير يدفع الشباب إلى الانتحار والهجرة وسير إلى نحو المجهول، لكل تلك الأسباب لا يمكن الحديث عن المصالحة دون إنهاء جذور نتائج الانقلاب القائم، ولا ينتهي لمجرد اللقاء وتشابك الأيدي وأخذ الصور التذكارية.

عمران الخطيب Omranalkhateeb4@gmail.com

البوابة 24