أمام كريم يونس والأربعون عام يسقط الظلم.. وتنهار الحكايات.. ويترجل القهر

بقلم:غادة عايش خضر

في عالمنا الذى نحيا به وفي كل بقاع المعمورة   أسرى كُثر  ، وان اختلفت عقائدهم واجناسهم  والوانهم  ، فمنهم من هو أسيرٌ للماضي ، وأخر أسير للحب ، وأخر أسير  للحزن ، وغيره أسيراً للمرض ، أسيراً لفكرة معينة ، وهناك أسيراً لحلم ضائع ،وهنا أسير للعمر التائه ، واسيراً للذكريات ، أما في الأرض المحتلة فلسطين يقبع في السجون  الاسرائيلية ما يقارب ٤٥٠٠ أَسيراً  للحرية وتحرير المواطن والوطن  . داخل أَقبية المعتقلات  الصهيونية أَسرى أفنوا زهرة شبابهم  ، عقودٌ تمر وهم يتجرعون كؤوس المر ، وتحرر أخيراً عميد الأسرى الفلسطينين وأقدم أسير في العالم كريم يونس بعد قضاء ٤٠ عاماً في الأسر . لم تكن هذه المرة الأولى التى اكتب فيها عن البطل كريم يونس ، ولكن الكم الهائل من الحيرة التى انتابتنى والصورة التى رسمها الخيال بنفسه ، ٤٠ عاماً في الأسر ، كيف مضت ؟ ؟؟؟ ما هو احساسه في كل ليلة ، وصف  شوق في طياته حرمان ، كتاب في صفحاته عذاب وأحزان ، في مقدمته عزيمة وإصرار  وفى خاتمته إرادة وصبر المغوار  ، كتاب تترنح كلماته ما بين الشتاء والخريف ،  وتتبختر أجزاءه ما بين الصيف و  الربيع ، لم ترحمه أوقات الكتابة ولم تشفع له سنون الألم ،٤٠ عاماً تترجل من العمر دون استئذان ، دون موافقة خطية أو صورية ، وتبحر  الأيام  دون الوصول الى مَرسى   أو شاطئ النسيان .

أيها العملاق الثائر كريم يونس بما كنت تفكر طيلة ٤٠ عاماً ؟  وما هى حدود الفكر لديك طوال الأربع عقود   ؟  أيها الجبل  الصامد فقد ركع الصمود أمامك ، وانحنت الحرية تجاهك وأناخ المجد تحت اقدامك . أيها الحر الأبى من أين لك هذه القوة ؟ ومن أين جلبت عنفوانك؟؟ لم تكن اسيراً للماضى ولم تبقى اسيراً للحب ، ولم تقع اسيراً للحزن بل انت الأسر لهم جميعاً ، يا من أَسَرت الماضى بنضالك ، والحب من أجيال الشعب الفلسطينى فى أنحاء الأرض المحتلة ومكانك  ، وأسرت الحزن بإبتسامة الحرية  وقهرت سجانك ، حقاً أنت الأسر والمأسور لفظاً ومجازاً .

لا داعى لكتابة تفاصيل الحكاية فقد باتت معروفة ، ولا داعى لعنونة الرواية وأضحت مشهورة في كل  بقاع المعمورة ، فمن منكم لا يعرف كريم يونس ..... وعلم التحدي  غدا  أملٌ للأجيال ، فهو وحدوي من الطراز الأول ، كان ومازال عنوان للثورة وغضب الثوار  ، وهو الدرس الاول في تاريخ الأبطال . أمام كريم يونس نخجل أن نفضفض عن ذاتنا و  احزاننا ، لا يصح أن نروى حكايات آلامتنا طوال السنين الماضية ، فقدنا الأمل ،خذلنا الأعزاء ، أصابنا الوهن والمرض ، حرمنا الله من المال والبنون ، ،فقدنا احبتنا وأضحوا  تحت التراب ،  عانينا من ظلم ذوي القربى والأغراب  ، أجهز علينا الإنقسام الفلسطيني  وقتل احلامنا ، حاصرنا المحتل ورفاقه ، ضاعت أعمارنا بين تعنت فتح وتعصب حماس..... كريم وحده عانى من كل ماسبق  طيلة ٤٠ عام .... أمام كريم يونس  والأربعون عام  يسقط الظلم...... وتنهار الحكايات.....ويترجل القهر .....

 

البوابة 24