البوابة 24

البوابة 24

رحم الله غرة ايام زمان

بقلم محمد جبر الريفي

بعد صلاة العشاء كانت غزة في أيام زمان تقل الحركة في شوارعها والكثير منها ترابية معتمة وكان ذلك الوقت اشبه بمنتصف الليل في زماننا الحالي حيث تغلق الدكاكين أبوابها الخشبية بمفاتيح كبيرة وتهمد نيران المخابز التي كانت تسمى الأفران والتي كانت تعمل بالحطب الذي يتحول إلى فحم يباع لتدفئة البيوت الطينية وتخلو الأماكن من باعة الفلافل حيث لا مطاعم خاصة لهم ولم يبق إلا بعض المقاهي الكبيرة المليئة بكراسي القش و التي تضاء بمصابيح الكاز لتشع انوارها في الاماكن القريبة حولها حيث ترى الكلاب الضالة تتراكض وراء بعضها البعض لتتجمع في الحقول القريبة وفي شوارع العوسج والصبار الخالية من العمران.. هكذا هي غزة ايام زمان كانت تستقبل الليل بدون ضجيج بدون زحام على البقالات ومحلات السوبر ماركت والمولات والمخابز ومطاعم الحمص والفول .. غزه ايام زمان كانت مسالمة وديعة آمنة تنام بعد العشاء ليلها الطويل بدون أرق وقلق وتفكير في خصومات الرواتب والكوبونات وشيكات الشؤون الاجتماعية والمنحة القطرية ب 100دولار فلا يرى في شوارع أحيائها القديمة بعد الساعة الثانية عشر ليلا سوى دوريات الشرطة المسلحين ببنادق "لي انفلد" ذات الظلقة الواحدة الانجليزية القديمة .. غزة ايام زمان مسالمة وديعة تستيقظ في الصباح الباكر مع صياح الديكة وصفير قطار الركاب المتوجه للقاهرة وخروج العمال للبيارات ليقطفوا حبات البرتقال... غزة لم تكن في ذلك الزمن الجميل متنمرة قاسية كما هي حال غزة اليوم حيث يسودها النفاق السياسي والتكالب على السلطة السياسية وقسوة الضرائب وغلاء فواتير الكهرباء والاتصالات والنت والسجائر وانتشار حالات الشجار العائلي ومظاهر التسول في الأسواق وأمام المساجد والبنوك بعيدا عن الإنتماء الديني .... رحم الله غزه ايام زمان.

البوابة 24