بقلم:جلال نشوان
تحدثت مع زملائي الصحفيين، وكان محور النقاش ، أن هناك متغيرات سياسية جديدة في المنطقة ومنها : أن السعودية التقت بوفد الحوثيين وبوساطة عمانية ومازال الحوار قائماً بعد حرب شرسة امتدت لسنوات وتكبدت معظم الأطراف خسائر جسيمة وبالأمس استقبلت السعودية وفداً من حركة حماس وستستقبل الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين وكان المفاجأة توقيع اتفاق بين السعودية وايران برعاية صينية ثم استقبال وزير الخارجية السعودي لوزير خارجية سوريا وربما يسأل سائل : ما دلالات ما يحدث من متغيرات سياسية جديدة ؟ وتأتي الإجابة أن السياسة لا تعرف الجمود والجمود معيق للتطور، والتفكير خارج الصندوق فالعالم منشغل بالأزمة الروسية الأوكرانية، وأوروبا انهكتها تلك الحرب إلا أن الأرقام المعلن عنها في عدد من العواصم الغربية تظهر أنها لا تبخل بالدعم على كييف، بل كلما طالت مدة الحرب، فتح الغرب خزائنه لتقديم المزيد من السلاح والمال لأوكرانيا وفي الحقيقة: تتصدر الولايات المتحدة الأميركية الدول الغربية من حيث حجم الأموال والأسلحة التي تم تقديمها إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، إذ بلغ حجم هذه المساعدات 13.6 مليار دولار، منها ما هو عسكري ومنها ما هو إنساني.
وتحتل بريطانيا المركز الثاني في ترتيب الدول التي تقدم دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا السادة الأفاضل: انشغال الدول الكبرى في الأزمات الدولية وعدم الأخذ بعين الاعتبار متابعة أحداث الصراع العربي الصهيوني وكذلك قضايا الإقليم جعل الدول العربية ، تعيد حساباتها بشكل كبير والميل إلى دول عظمى أخرى كالصين وروسيا لقد تبدلت الأمور وتغيرت الأحوال وكل دولة بدأت تبحث عن ذاتها ، فمنطقة الشرق الأوسط مرت بعقودٍ من الزمن ساد فيها الاصطفافات والمحاور دون حلول خلاقةٍ أو اختراقاتٍ مهمةٍ، السادة الأفاضل: الفراغ السياسي معضلة كبرى، و المنطقة عانت من اشتغال القوى الكبرى في العالم بأمور لا تعني المنطقة، وعانت عقوداً من عدم الالتفات الحقيقي لمشكلات المنطقة والسعي الفاعل لحلها، وقد عجزت الدول الغربية الحليفة عبر عقودٍ عن إحداث أي اختراقٍ، وقصارى جهدها كان في إبقاء التوازنات بين الفرقاء حتى لا يطغى طرفٌ على طرفٍ، وفي ذلك استنزاف تاريخي لمقدرات المنطقة ودولها وشعوبها.
لقد ارتأت الولايات المتحدة الأمريكية العودة إلى الديار والتفرغ لمجابهة الصين وقامت حلف ثلاثي مع بريطانيا وأستراليا ومن الأسباب التي جعلت الغرب ينأى بنفسه عن التدخل في قضايا الإقليم أن الصين أوشكت إن تتربع على عرش الاقتصاد العالمي ومبادرة (الحزام والطريق) مشروع السياسة الخارجية المميز للرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي يُعد أكبر برنامج للبنية التحتية في العالم، يشكل تحدياً اقتصادياً وسياسياً كبيراً للولايات المتحدة وكذلك لمستقبل التغير المناخي والأمن والمصالح الصحية العالمية هذا ما خلصت إليه تقارير أمريكية وثيقة السادة الأفاضل: منذ إطلاق الصين العظمى مبادرة (الحزام والطريق) في عام 2013، موّلت البنوك وبنت الشركات الصينية كل شيء، بدءاً من محطات الطاقة وسكك الحديد والطرق السريعة والموانئ، إلى البنية التحتية للاتصالات وكابلات الألياف الضوئية والمدن الذكية حول العالم.
إذا نفذت المبادرة بشكل مستدام ومسؤول، ستكون الصين قادرةً على تلبية احتياجات البلدان النامية لأمد طويل وتحفيز النمو الاقتصادي العالمي. لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية خطر التمدد الصيني والدليل على ذلك قررت العودة إلى الديار وخفضت تواجدها العسكري في الخليج وكافة بؤر التوتر لقد أدركت الدول العربية كافة المتغيرات الدولية، لذا كان التفكير السياسي العربي خارج الصندوق، والميل نحو الصين وتبديل الدولار ليحل محله اليوان والروبل وهذا سينعكس سلبا على الاقتصاد الأمريكي انشغال العالم بالازمات الدولية ، خاصة الأزمة الأوكرانية الروسية، ونجاح التنين الصيني واستئثاره باقتصاد العالم جعل النظام السياسي العربي إعادة حساباته حسابات السياسة ، حسابات عميقة وكل دولة لها مصالحها الخاصة وأخيراً بات النظام السياسي العربي يفكر خارج الصندوق ومعالجة الأزمات بالحكمة وبعيداً عن الاصطفافات ومحاور الدول الغربية نأمل أن تنعكس تلك المتغيرات على قضيتنا بالايجاب.