بقلم :- منى الفارس
هو ذلك الجندي الصهيوني الذي يقف خلف الساتر الاسمنتي يحمل السلاح وهو مرتجفا يلتفت بكل الاتجاهات، يكاد يكون ذاك السلاح أطول من قامته. تسطع اشعة الشمس الحارقة فوق راسه. نظرت اليه وتبسمت رغما عني ارتسمت الابتسامة على شفاهي لم أستطع إخفاء مشاعر الغبطة لما رأيت، هذه الابتسامة عكست ما أكن نحوه من شماتة للوضع الذي هو عليه.
واتساءل في داخلي عن أي دولة هؤلاء يتحدثون وعن أي امان يوعدون وباي رفاهية يتشدقون. هذا هو الكائن البشري الذي يقف على قدميه نهارا كاملا خلف كتلة اسمنتية لتحميه ويلبس على راسه خوذة ثقيلة الوزن وملابس ثقيلة وتحتها سترة واقية لتقيه من الرصاص، لباس كهذا يقتله حرارةً قبل ان يقتله حجرا او سكينا او رصاصه.
لقد استفزته نظراتي وابتسامتي بدأ هو الآخر يحملق بنظراته نحوي وانا بادلته الحملقة المتحدية، تقدم نحو مركبتي واوقفني بينما كنت اسير ببطء وسط ازدحام المركبات المتواجدة على الحاجز. اقترب مني ومن مركبتي وقال هي وأشار بيده لاقف وسألني أين تذهبين؟ قلت له ذاهبة لحيفا_ بدت على وجهي علامة السخرية_. قال حيفا وهو ههه، مش من هون طريق حيفا.
قلت: - اعلم انها طريق حيفا ليست من هنا وانت تعلم ان هذا الطريق يأخذني الى نابلس فلماذا تسألني!! ((كلام في سركم لقد كنت لحظتها اعبر عن امنياتي))، ابتعلت الكلمات لحظتها وقلت له انا ذاهبة الى نابلس هز راسه وأعاد الكلام على مسمعي انت ذاهبة الى نابلس وليس الى حيفا لحظتها اصبت انا برعب لأني شعرت ان استفزازي له بابتساماتي وكلام السخرية له سيمطر جحيما على راسي ولكن تدخل زميله الذي صرخ عليه ينادي عليه.
تركني وهو يلوح بيده اذهبي الى نابلس اذهبي الى حيفا اذهبي الى البحر وكأنها اغنيه يردد الكلمات بصوت عالي ربما ليرد لي استفزازي له. غادرت الحاجز منطلقة خوفا من ان يستهويه استفزازي فيعتقلني او يطمرني انا ومركبتي بالرصاص. طالت المسافة بين نابلس ورام الله ليس بعدد الأمتار بل طالت بعدد الحواجز على الطريق والمشهد ذاته المتكرر وهم متسمرين مدججين بالسلاح الموجه نحو المركبات التي تسير واضعين اصابعهم على الزناد استعدادا لاي لحظة ترعبهم او لحظة لا ترعبهم وانما هي لحظة مزاجية تستهويهم رؤية دمائنا تسيل امام اعينهم، ليدوسوا على السلام ويمطرون المارة بوابل من الرصاص يتكرر هذا المشهد على الحواجز الثابتة والطيارة وامام مداخل المستوطنات التي أقيمت على تلك الطريق ليقوموا بحراستها وحراسة المستوطنين اللذين يعيشون فيها. تطول الطريق واحيانا تغلق بالكامل لاي طارئ يستجد وهذا الطارئ يكون لحدوث عملية او تفتيش مركبات او شكهم في احدى المركبات او مستقلين احدى المركبات او حركة مزاجية من قبل الجنود لممارسة الضغط والاضطهاد والعنف اتجاهنا، حينها يزدحم الطريق بالمركبات في أوقات الظهيرة ذات الشمس الحارقة او ليلا او يكون الجو قارص البرودة يبدا التذمر من قبل الركاب والصراخ من قبل الأطفال وتطلق المركبات صافراتها احتجاجا على هذا الاحتجاز والاغلاق ، وبعض سائقي المركبات يضطرون للعودة او البحث عن طرق بديلة عبر القرى والجبال وعادة ما تكون مسافة طويلة وربما يفاجئون بوجود حاجز طيار لجنود الاحتلال . طريق رام الله نابلس عادة تأخذ زمن من ساعة الى ساعة وعشرة دقائق ولكنها تطول بوجود تلك الحواجز والمفاجئات الغير ساره، لتأخذ وقتا ربما يستمر لساعات. حقا ان هذه المعاناة والمشاهد المرعبة تتكرر بين مدننا وقرانا واحينا توضع الحواجز على مداخل المدن والقرى ولكن لو سالت أي شخص هل هذه الحواجز تمنعك من التنقل بين المدن وعندما تسمع بوجودها هل تلغي رحلتك لتفاجئ بالإجابة بكلمة لا ربما لأننا شعب تعودنا على الصمود وتلك الاعمال قوة لدينة العزيمة والإصرار لأننا نؤمن ان هذه الأرض لنا وان علينا ان نتحلى بالعزيمة والإرادة لنقوى على المحتل وننتصر عليهم باردتانا وصمودنا ولنوصلهم رسالة فحواها ان كل ما ترتكبه من عنف واضطهاد بحقنا لن يثنينا ويكسر من ارادتنا.