بقلم محمد جبر الريفي
.... كلما شاركت في تشييع إحدى الجنازات إلى المقبرة الشرقية بغزة قريبا من السياج الذي يفصل القطاع عن دولة الكيان عادت لي الذاكره إلى مشهد أوائل الستينات من القرن الماضي حين كنت إذهب ماشيا إلى ذلك المكان بعد العصر برفقة أحد الأصدقاء بهدف القراءة استعدادا للامتحان في آخر العام ..بقعة صغيرة من الأرض بجانب الطريق المعبد كلما مررت عليها بعد تشييع الجنازة تذكرت ما كان فوقها حيث الخيمة البيضاء الصغيرة ومجموعة من الجنود المصريين المسلحين ببنادق (لي أنفلد ) الانجليزية الطويلة ذات الكعب الخشبي و الطلقة الواحدة ..بعد عام 56 اختفت الخيمة البيضاء وغاب الجنود المصريين عن المكان الذين كانوا يشكلون أحد الحواجز العسكرية وحل بدلا منهم قوات الطواريء الدولية التي أقامت لها معسكرا قريبا من البقعة التي تحولت بعد ذلك إلى مكان للقمامة أي (رابش ) باللغة الإنجليزية يهرع إليه بعد العصر الأطفال والرعاة بحثا عما يفيض من الجنود الدوليين من معلبات اللحم والبيض وخبز الفينو الأبيض اللذيد ...؛؛ في آخر مرة مررت قرب المكان لم انس النظر إلى تلك البقعة الصغيرة من الأرض الفلسطينية التي عاصرت المصريين والدوليين والإسرائيليين و ... حيث وجدتها كما هي لم تتغير في معالمها فما زالت محاطة بالنباتات القزمية في وسط ارض جرداء بعيدة عن العمران ..اما الخط الشرقي خط الهدنة الذي يفصل القطاع عن الكيان الصهيوني فهو ليس بعيدا عنها وذلك بخلاف ما كنت اتمني ان يتزحزح موقعها إلى الشرق داخل أرضنا المغتصبة عام 48 حتى ولو كان قليلا وذلك في اطار عملية تحرير طالما وما زلنا منذ خمس وسبعين عاما نرفع شعاره إلصاخب دون أن نحقق منه شيئا يذكر ... ؛؛؛