البوابة 24

البوابة 24

هل نجح الاحتلال الصهيوني بمخطَّطاته التي انتهجها عبر سنوات طويلة لتهجير الشباب الفلسطيني وخاصة من غزة ؟!

بقلم د. صلاح أبو غالي

لا يخفى على أحد الحالة الاقتصادية التي تمر بها غزة نتيجة سنوات طويلة من الحصار الشامل ، وتلاعب دول الطوق مع هذا السيناريو لتكتمل دائرة الخناق بما يخدم السياسة الصهيونية للنيل من المقاومة وحرمانها من أهم عاصر الدعم لها وهي فئة الشباب الذي انخرط منذ سنوات في مسار المقاومة ، حت أصبحت البطالة في أشد حالاتها وبات الكثير من الشباب على أعتاب سن التقاعد رغم أنه لم يتلقى أي وظيفة أو عمل وضاعت سِنيّ أعمارهم هباءاً نتاج هذا الحصار الظالم .. أيضاً ، ومنذ احتلال فلسطين وإسرائيل مستعدة لتشجيع السكان الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة ، بل إنها مستعدة لترتيب حركة مغادرتهم ، ومؤخراً طرحت فتح أحد مطارات النقب ، وترتيب سفرهم للخارج .. كما أن إسرائيل أبدت استعداداً لتمويل عملية الهجرة إلى دولة ثالثة في حال العثور على دولة توافق على استيعابهم ؛ وجاء أن " هيئة الأمن القومي الصهيونية" توجهت إلى دول في الشرق الأوسط ، وفحصت ما إذا كانت ستوافق على استيعابهم ، وها هي أوروبا التي كانت تقمع المهاجرين وتقتلهم ، تفتح ذراعيها لاستيعابهم ، وباتت تركيا تحذو حذو أوروبا في هذا المخطط .. وعند قراءة المشهد بعمق نتوصل إلى أن مخطط الحصار لم يكن هدفه فقط التضييق على المقاومة ، وأن هناك مآرب خطيرة أخرى وراء ذلك وهي :

🔴 تهجير العقول الفلسطينية وخاصة فئة المتعلمين من الشباب الفلسطيني بغزة . 🔴 بث الاحتلال الصهيوني لرسائل سلبية عبر وسائل الاعلام المسمومة ، وتسويق رواية بأن أحد أهم أسباب هجرة الشباب الفلسطيني هي الأسباب السياسية ، المتمثلة في انعدام العملية الديمقراطية الناتجة عن الانقسام ، ما يخلق هوَّة سحيقة بين الشباب ومؤسسات الحكم وفصائل العمل الوطني . 🔴 لعب الاحتلال الصهيوني على وتر سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، والأزمات التي يتعرض لها قطاع غزة ، بالإضافة الى أزمة الرواتب ، وقلة الدخل ، وهو ما يدفع إلى التساوق الطوعي مع أي مخطط أو رواية صهيونية تعزز فكرة الهجرة بحثاً عن حياة كريمة وعالم أفضل . 🔴 بات الاحتلال الصهيوني في سباق مع الزمن لخلق حالة توازن ديموغرافي مع الفلسطينيين (نسبة عدد السكان مع مساحة الأرض) ، وذلك من خلال زيادة حجم الاستيطان وتهويد مناطق واسعة ومصادرتها بالضفة والقدس ، والقتل الممنهج للشباب الفلسطيني خلال أحداث المقاومة بالضفة أو خلال أي تصعيد بغزة ، ومن خلال عملية التهجير للسكان الفلسطينيين وخاصة فئة الشباب . 🔴 الهجرة العكسية التي بدأت تلقي بظلالها على أروقة السياسة لدى دولة الاحتلال ، إلى جانب الأزمات الداخلية التي باتت تعصف بهذا الكيان ، مما يضعف حالة الصمود أكثر في هذه البقعة التاريخية عبر الزمن ، أمام عوامل المقاومة الفلسطينية المستعرة والتي تلفظ وجوده في كل مكان . 🔴 سياسة منح التصاريح والتدرُّج فيها لتطال فئة صغار السن من الشباب الفلسطيني ، وما تسهيل عمليات الهجرة لهم إلا وتهدف بالمقام الأول إلى دفع الشباب الفلسطيني للعزوف عن المقاومة ، أو الانخراط فيها ، أو حتى دعمها على اعتبار أنها سبب الكارثة الاقتصادية والسياسية التي يمرون بها .

⬅️ خاتمــــــة : بالرغم من أنه لا توجد إحصاءات رسمية فلسطينية حول عدد المهاجرين من قطاع غزة ، إلا أن تقارير صحفية كشفت النقاب عن أنه منذ عام 2007 حتى 2021 فإن 860.632 ألف شخص غادروا القطاع دون عودة ، بينما قدَّر مختصون آخرون أن عدد المهاجرين من القطاع يقدَّر بأكثر من ذلك ، قضى بعضهم في حوادث غرق لقوارب الهجرة غير الشرعية ، بسبب طمع عصابات التهريب ، وكذلك عدم قدرة المراكب التي كانوا على متنها على الإبحار لمسافات بعيدة . والآن نحن أمام نوع آخر من الهجرة الشرعية المدفوعة بسبل الخلاص من واقع غزة المؤلم ، إلى ظلام المجهول المخطط له من قبل الاحتلال الصهيوني منذ سنوات من خلال الحصار كما أسلفنا ، وسيعمل الاحتلال ولا شك مع دول الاستيعاب إلى إغراق هذا الشباب في مقوِّمات اللا عودة ، من أجل تفريغ الوطن من فئة الشباب الذي هو عماد بناء الوطن وأحد أهم عناصر التحرير . فهل هناك من يلتقط الرسالة ويعمل على تثبيت الشباب الفلسطيني على الأرض ، وخلق حياة كريمة لهم ، وإبطال مخططات الاحتلال القذرة قبل فوات الأوان ؟!

البوابة 24