العليا الإسرائيلية تمنح الضوء الأخضر لتهجير هذه القرية.. مئات البدو في خطر

النقب
النقب

في خطوة أثارت غضبًا واسعًا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الأربعاء 13 نوفمبر 2025، على قرار يقضي بتهجير كامل لسكان قرية رأس جرابة البدوية الواقعة شرقي مدينة ديمونا في صحراء النقب.

ويأتي هذا القرار بعد رفض المحكمة استئنافًا قدّمه أهالي القرية ضد حكم المحكمة المركزية في بئر السبع، ليصبح الإخلاء واجب التنفيذ خلال ثلاثة أشهر فقط، مما يهدد نحو 500 مواطن بدوي بفقدان منازلهم وأراضيهم التاريخية.

القرار يتناقض مع حكم سابق

المفارقة أن المحكمة العليا اتخذت قرارها الجديد رغم أن محكمة الشؤون الإدارية في بئر السبع كانت قد ألغت في يونيو الماضي مخطط توسيع مدينة ديمونا الذي يهدد القرية.

ففي حينها، اعتبرت المحكمة أن المخطط يشوبه خلل قانوني واضح بسبب غياب دراسة لتأثير المشروع على البيئة، وتجاهل البدائل الممكنة التي قد تسمح بدمج السكان بدلاً من طردهم.

لكن قرار العليا تجاوز تلك الاعتبارات تمامًا، مما اعتبره الأهالي انحيازًا سافرًا لصالح مشاريع الاستيطان اليهودي في النقب على حساب القرى العربية غير المعترف بها.

منح شرعية لتهجير بلا أساس قانوني

بحسب منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، فإن قرار المحكمة العليا يمنح غطاء قانونيًا لعملية تهجير لا تستند إلى أي مخطط مصادق عليه رسميًا.

وقد وصفت جمعيات الدفاع عن حقوق البدو الحكم بأنه سابقة خطيرة، معتبرة أنه "ترسيخ جديد لسياسات الفصل العنصري والتمييز العرقي في النقب"، حيث تهدم القرى العربية بحجة عدم الترخيص، بينما تُمنح المستوطنات المجاورة تسهيلات غير محدودة في التوسع والبناء.

قرية رأس جرابة

تعد قرية رأس جرابة من أقدم التجمعات البدوية في منطقة النقب، وتعود أراضيها تاريخيًا إلى قبيلة الهواشلة، التي استقرت هناك منذ عشرات السنين، ويعيش في القرية عائلات من الهواشلة وأبو صلب والنصاصرة، ويعتمد سكانها على الرعي وبعض الأنشطة الزراعية كمصدر رزق أساسي.

تقع القرية في منطقة تعرف محليًا باسم "الشعيرية" أو "مركبة الهواشلة"، وتدخل إداريًا ضمن نطاق نفوذ بلدية ديمونا، التي تسعى منذ سنوات إلى توسيع حدودها العمرانية على حساب القرى البدوية المجاورة.

احتجاجات وغضب من القرار

عبّر أهالي رأس جرابة عن غضبهم العميق من الحكم الجديد، معتبرين أنه يشرع تهجيرًا قسريًا لأصحاب الأرض الأصليين دون أي بدائل سكنية أو تعويضات عادلة، وقال ممثل عن الأهالي إن القرار يكشف الوجه الحقيقي للسياسات الإسرائيلية في النقب، والتي تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها العرب وإحلال مستوطنات يهودية مكانهم، مؤكدًا أن السكان لن يتركوا أراضيهم طوعًا.

تهجير ممنهج تحت غطاء القضاء

أعلنت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية نيتها تقديم التماس جديد للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ضد قرار التهجير، مؤكدة أن المحكمة العليا تتواطأ مع الحكومة في تنفيذ مخطط تهويد النقب.

وأشارت هذه المنظمات إلى أن إسرائيل تعمل منذ سنوات على تفكيك القرى البدوية غير المعترف بها، بهدف توطين سكانها في تجمعات محدودة المساحة، وفتح المجال أمام مشاريع استيطانية وصناعية لصالح المستوطنين.

تهويد النقب

يذكر أن قرية رأس جرابة ليست الحالة الأولى من نوعها، إذ تواجه عشرات القرى البدوية في النقب المصير ذاته، ضمن خطة إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة توزيع السكان العرب وإحكام السيطرة على الأراضي الجنوبية.

ويرى محللون أن ما يجري اليوم هو جزء من سياسة ممنهجة لطمس الهوية البدوية الفلسطينية، وإعادة رسم الخريطة الديموغرافية للنقب بما يخدم التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.

ولا يعد قرار المحكمة العليا بتهجير رأس جرابة مجرد حكم قانوني، بل هو رسالة سياسية صريحة تؤكد استمرار سياسة الإقصاء والتمييز ضد الفلسطينيين في الداخل، وخصوصًا في النقب، حيث تهدم القرى العربية لبناء مدن يهودية جديدة على أنقاضها.

وكالة معا الاخبارية