سليم النفار
عندما نتحدث عن انتخابات فإنه لا يعني شيئاً آخر غير الممارسة الديمقراطية للشعب، ممارسة حقه في انتخاب ممثليه، الذين تقع على كاهلهم إدارة شؤون الناس والبلاد خلال فترة محددة بالقانون، وهناك أمثلة في تاريخ الشعوب وفي العصر الحديث عن إختيار الشعب لممثليه والذين تنازلوا عن تمثيلهم، لأن وجودهم في سدة الحكم ، جلب الرفض وعدم القبول لهم من قبل بعض الدول ، بمعنى أن بقائهم لم يكن في مصلحة شعبهم وبلادهم .
إذا لا شك البتة في أن الانتخابات هي خيار الاختيار للأفضل، الذي يستطيع خدمة الناس، وليست مكاسب شخصية ونياشين تُعلق على صدر هذه الشخصية أو تلك.
وبناء على هذا الفهم فإن الانتخابات الفلسطينية يفترض ألا تخرج عن هذا النسق البديهي لمفهومها عند كل الشعوب المتحضرة ... ولكن أعتقد بأنّ الحالة الفلسطينيية تختلف وليس من باب الفهم العام للعملية الديمقراطية، بل الفهم الخاص للحالة الوطنية.
الانتخابات الأولى التي جرت في العام 1996 كنّا نفهم ونتفهم دوافعها في إدارة الحالة، وفق اتفاقات أوسلو التي لنا الكثير من الملاحظات عليها، والتي لسنا الآن بصدد تفصيلها، ولكن تماشياً مع "أوسلو" يفترض ألا تجري انتخابات بعد الانتخابات الأولى بهذا الشكل الذي حدث في العام 2006 والذي يُحضّر له الان، لأنه من المفترض أن يكون قد أُنجزت التسوية السياسية بشكلها الأخير، وعليه نكون قد عرفنا هل نحن بصدد انتخابات " تشريعية" كما يقال أم برلمان دوله أو... أو... الخ
وأعتقد بأن إجراء الانتخابات في العام 2006 و الآن أيضاً هو إعطاء شرعية لديمومة المرحلة الانتقالية وفق " أوسلو" وإقرار بمحدودية الحكم الذاتي الذي يطلق يد إسرائيل وأذرعها الاستيطانية التي لم تتوقف عن نهب الأرض الفلسطينيية.
وعليه نعتقد في تشخيصنا للحالة التي لا تحتاج بالأساس الى تشخيص وبذل عناء كثير، بأن الحالة الفلسطينيية يُفترض بأنها وفق هذا المُعطى في مرحلة البحث والعمل من أجل التحرر من نير الاحتلال، وهذه الحالة هي بحاجة الى توافق الكل الوطني على أجندة واحدة ، وهي كيف نحافظ على حياة الناس ووجودهم فوق الأرض، حيث يعتبر هذا الوجود هو المعادل المناهض للرواية الاحتلالية، ثم نبحث في السبل والآليات التي تساعدنا على التخلص من الاحتلال ، من خلال مقاومة واضحة المعالم، بأجندتها ووسائلها التي يجب أن تكون محط اجماع.
غير ذلك أعتقد بأنه متاجرة بالقضية الوطنية، واطالة لأمد عذابات الناس التي أصبحت جُلَ أحلامها الخروج من جغرافيا الوطن، بحثاً عن مستقبل أفضل وحياة أكثر أمناً وكرامة لها ولأولادها ... وبدون هذا الفهم سنبقى في دائرة العجز الوطني الذي يُحيلنا الى الاتكاء على شعارات وايديولوجيات ديماغوجية تعلن شيئاً وتفعل شيئاً آخر.