بقلم: اشرف صالح
لا زالت مياه المجاري تتدفق الى بحر غزة على طول الشاطئ على مسافة أربعون كيلوا متر , ولا زالت الحياة على البحر مشلولة تماماً , الناس المصطافين هربو من البحر وإلتزمو بيوتهم وأجبرو أنفسهم على تحمل الحر الشديد خوفاً من وباء المجاري , وأصحاب المنتجعات السياحية اصبحو عاطلين عن العمل , والباعة المتجولين على البحر أصبحو متجولين في الشوارع بحثاً عن الرزق البديل , والصيادون نائمون بجانب شباكهم من قلة الصيد , وكل هذا بسبب مياه المجاري التي تتدفق الى البحر بفعل فاعل , وبحثت كثيراً ككاتب أو كمواطن أو كمتضرر في وسائل الإعلام محاولاً العثور على خبر يوضع لي أساس المشكلة , ويجيب لي عن سؤالي وسؤال كل الناس , ولكنني لم أجد هذه الإجابة , فأدركت أن هناك تكتيم على هذه الجريمة , ورغم ذلك حاولت أن أبحث عن الإجابة بين السطور , وتسلل الى مسامعي بعض الآراء من بعض المقربين الى أصحاب القرار في غزة , فقالو لي أن ما يحدث هو عبارة عن سياسة متعمدة للضغط على الإحتلال , فالمجاري التي تتدفق الى شواطئ غزة تصل الى شواطئ إسرائيل... وبعض الآراء قالو أن هناك توقف للمضخات بسبب قلة الوقود أو بسبب قلة إمكانية توفير الكهرباء اللزمة لتشغيلها , وكان هناك آراء كثيرة كلها تدور في فلك واحد , وهو أن حياة المواطن في غزة رخيصة , وأموال المواطن في غزة مسلوبه , وليس هذا فحسب , بل قال لي أحد المتابعين لموضوع المجاري , أن هناك أشخاص ذهبو الى إحدى البلديات لمتابعة الموضوع ومعرفة السبب , فقال له رئيس البلديه أن هناك قرار سياسي بعدم الحديث عن هذه الموضوع , وأن هذا القرار السياسي مرتبط بخطة رسمتها المقاومة في غزة كي تضغط على الإحتلال , بمعنى أنه تم توقيف المضخات من أجل أن تتدفق المجاري الى بحر الإحتلال , وليس مهماً من وجهة نظر المقاومة أن يغرق بحر غزة بالمجاري , وليس مهماً من وجهة نظر المقاومة أن يتكبد المواطن الغزي بالخسائر الإقتصاديه والصحية بسبب هذه المجاري , فالمهم هو الضغط على الإحتلال من أجل دخول حقيبة نقود من معبر بيت حانون , أو دخول مشروع ممول من الخارج لبعض الجهات المتنفذه في غزة... إذا كانت المقاومة تتعمد ضخ المجاري الى بحر غزة بهدف إزعاج الإحتلال , فهذا السلوك ليس سلوك مقاومة حقيقية , وليس سلوك مقاومة مسؤولة عن حياة الناس , وإذا كانت المقاومة بريئة من هذا السلوك , فهذا يجعلنا نستحضر سؤال لمن يقول أن هناك عجز في الكهرباء والوقود لتشغيل المضخات , والسؤال هو , أين تذهب أموال غزة , أين تذهب ضرائب غزة , أين تذهب المساعدات التي تأتي من الخارج بإسم غزة , أين تذهب المشاريع التي تأتي من الخارج بإسم غزة , أين تذهب الحقائب المالية التي تأتي الى غزة , بحر غزة أصبح كمدينة الأشباح بسبب المجاري , فالمقاومة الحقيقية لا تكب المجاري في بحر غزة , والأيدي الأمينة لا تسرق أموال غزة , ففي هذا المقال لا أوجه إتهام لأحد بعينه , ولكني أوصف هذا السلوك إن ثبتت صحته بالسلوك الفاسد , سواء كان سلوك مقاومة أو سلوك حكومة أو سلوك أشخاص فاسدين .
كاتب صحفي فلسطين غزة
