البوابة 24

البوابة 24

صبرا وشاتيلا الجرح النازف

بقلم بسام صالح 

مضى 41 عاما، على ما تم وصفه بانها ابشع مجزرة في التاريخ الفلسطيني، اودت بارواح اكثر من ثلاثة الاف من الاطفال والنساء والشيوخ. ومازالت صور الضحايا ماثلة امام الجميع ومازال اهالي الضحايا يطالبون بالعدالة وبمحاكمة من خطط ومن نفذ هذه الجريمة النكراء، مازالت دموع السيدة ام علي اللبنانية ارملة شهيد فلسطيني التي فقدت ابنائها ماثلة امامي وهي تروي لنا ما شاهدته في تلك الايام الحالكة السواد، ام علي انتقلت الى جوار ربها دون ان ترى المجرمين يمثلون امام اي محكمة، وحتى الامس التقي مع ابو جمال الذي مازال يحمل صور ابنائه المفقودين منذ 41 عاما ويقول وقد تعمقت تجاعيد وجهه وين العدالة معقول 41 سنة وانا لا اعرف ان كانوا احياءا ام اموات؟ الا يحق لي ولهم ان اكرمهم بالدفن قبل ان اموت؟ 
شريط الذاكرة الذي لا يتوقف، كما هو الجرح النازف لمجزرة صبرا وشاتيلا، رغم محاولات البعض طمس حقيقة ومسؤولية القائمين على هذه المجزرة، التي كاد النسيان ان يكون سيد الموقف لولا وجود اهالي الضحايا الذين كانوا يقومون كل عام بزيارة المقبرة الجماعية لقراءة الفاتحة على ارواح الشهداء، وبقيت وكانها قضية خاصة بهم فقط ! وحتى المقبرة الجماعية بقيت دون اي عناية او اهتمام بما تحويه في تربتها من رمزية للشهداء الشهاد على المجزرة. لم تنحج محاولات رفع القضية الى المحكمة الدولية التي وقعت تحت ابتزاز السياسة الدولية وتدخلات القوة النافذة في السياسات الداخلية لاحدى الدول الاوروبية التي ارغمت على تعديل القانون الذي كان يسمح بمحاكمة مجرمي المجزرة. ولكن هذا لا يعني براءة المتهمين او عدم وجود ادلة على فعلتهم القذرة او اجراء عملية قيصرية فاشلة لمحو المجزرة من الذاكرة الفلسطينية ومناصريها. نحن مازلنا نقولها قوية مدوية لم ولن ننسى ولم ولن نغفر لمن تلطخت يداه بدماء ابنائنا العزل في صبرا وشاتيلا وغيرها من المجازر التي ارتكبت بحق شعبنا. 
لجنة كي لا ننسى التي اسسها الصحفي الايطالي المرحوم ستيفانو كياريني عام 2000 ، ومعه مجموعة من الشخصيات الايطالية والفلسطينية واللبنانية، للتضامن مع عائلات الضحايا وتقديم الدعم لاهالي المخيمات بالمحافظة على الذاكرة والتعريف بها حيث امكن في الدول الاوروبية، وتقوم كل عام دون انقطاع بتنظيم الوفود لزيارة مخيمات اللجؤ واللقاء مع اهالي الضحايا، ومع مختلف الاحزاب والقوى السياسية اللبنانية والفلسطينية، وخلال السنوات العشرين الماضية استمع اعضاء الوفود من الجهات اللبنانية بالتحديد ان قضية اللاجئين قضية مهمة وان لبنان حكومة واحزابا يدعمون حق العودة حسب القرار 194 ولكن عند السؤال انه مضى على وجود الفلسطينيين في لبنان اكثر من 75 سنة وهم بدون حقوق مدنية، العمل والتملك وتحسين ظروف الحياة لهم للعيش بكرامة الى حين تحقيق عودتهم لوطنهم، لم نتلقى اجابات محددة تمنحنا نوعا ما من الامل، باستثناء لقاؤنا مع وزير العمل الحالي مصطفى بيرم الذي اكد للوفد ان للفلسطينيين الحق بالعمل ولم يعد من المعقول ان يعاني الفلسطينيين في لبنان من ظلم طردهم من بلادهم ومن الظلم عدم تمكينهم من العمل، واشار الى انه يمارس الصلاحيات التي تخصه كوزير واشار الى انه تمكن من فتح باب العمل في التمريض بالاتفاق مع نقابة الممرضين اللبناننين، وتمنى انفتاح باقي النقابات لان الايدي العاملة بعد اللبناننين هم الفلسطينيين، اما بخصوص التعديلات القانونية فهذا يتطلب توافق الكتل البرلمانية وهناك صعوبات كثيرة في ذلك وشكر الوزير لجنة كي لا ننسى على اثارتها لهذا الموضوع الهام ولدورها البارز في احياء ذكرى المجزرة. وكان حديثه الصادق والصريح واصراره على الاستمرار هو بادرة امل من مسؤول حكومي، لقي ترحيب اللجنة واصرارها الدائم على اهمية منح الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان الى حين عودتهم الى فلسطين .
الوفد الايطالي المشارك مع لجنة كي لا ننسى، في احياء ذكرى المجزرة، وخلال لقائه مع رئيس بلدية الغبري الحاج معن الخليل الذي اطلعهم على وضع العقار حيث توجد المقبرة الجماعية لشهداء المجزرة، بان المالك يطالب بحقه في العقار، وان البلدية قامت باتصالات مع الجهات اللبنانية والفلسطينية الرسمية المعنية ولم يتم التوصل لاي نتيجة، وعليه فقد تم انشاء جمعية تحمل اسم " 1982 صبرا وشاتيلا" لعمل حملة جمع تبرعات لتغطية ثمن العقار ليبقى صرحا يشهد على ابشع مجزرة بتاريخ الشعب الفلسطيني. واعاد الحاج معن الخليل طرح الموضوع، في يوم احياء ذكرى المجزرة بقاعة ارسالات التابعة للبلدية وبحضور ممثلي الاحزاب والقوى السياسية الفلسطينية واللبنانية  وامام المئآت من ابناء المخيمات الفلسطينية وعائلات ضحايا المجزرة، معلنا ان حملة جمع التبرعات ستبدأ خلال الايام القليلة القادمة من الشوارع والمساجد ومن بيت لبيت. وبنفس المناسبة تحدث امين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي ابو العرادات ونيابة عن السفير اشرف دبور، واشار في كلمته الى موضوع العقار مطمئنا بان سفارة فلسطين في لبنان والسلطة الوطنية الفلسطينية ستعمل على توفير المبلغ المطلوب ان لم يكن بالكامل فالقسم الاكبر منه، مؤكدا ان هذا واجبنا تجاه شهدائنا وعائلاتهم. 
مقبرة شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا يجب ان تكون صرحا لتخليد الشهداء الابرار ومتحفا يظهر بشاعة وفاشية الاحتلال واعوانه الذين ارتكبوا هذه المجزة بحق الانسانية وبحق الشهداء فلسطينيين ولبنانيين وغيرهم، المقبرة والمحافظة عليها واجب وطني يتطلب تحرك فلسطيني رسمي وشعبي اولا ولبناني ثانيا وسيلاقي دعما من كافة احرار العالم، فهل من مستجيب لهذا النداء؟

البوابة 24