وستبقى غزة عصية على الإنكسار

بقلم حمادة فراعنة

حركة "حماس"، فعلت خيراً، وهجوماً سياسياً إنسانياً جديراً بالتوقف والاحترام، بإطلاق سراح المرأتين الإسرائيليتين اليهوديتين: نوريت يتسحاك ويوخفد ليفشيتز، بدون شروط، بدون مساومة، بدون ثمن، جعل المستعمرة صغيرة قزمة، محرجة، رغم وقاحتها ودمويتها وعنصريتها، ولم تملك سوى الادعاء أن دوافع "حماس" دعائية في إطلاق سراح المرأتين، مع أن ذلك لم يكن الإجراء الأول، فقد سبق هذا الإجراء الأخلاقي أن أطلقت "حماس" أيضاً سراح إمرأة وولديها، ايضا لدوافع إنسانية أخلاقية، تعكس رفعة هذا السلوك والمواقف ونُبل الهدف ومبدئيته. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل سبق للمستعمرة أن فعلتها مع أي معتقل أو موقوف أو رهينة فلسطينية أو عربية أو مسلمة أو مسيحية، منذ عام 1948 إلى الآن ؟؟. سلوك حركة "حماس" وقرارها، ودوافعها، غير منفردة، بل هو سياسي وطني قومي ديني، في مسار الصراع المستمر الدائم حتى نهاياته في مواجهة المستعمرة، الموصوفة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان: 1- الإسرائيلية بتسيليم، 2- البريطانية آمنستي، 3- الأميركية هيومن رايتس ووتش، 4- لجان حقوق الإنسان التابعة إلى الأمم المتحدة، على أن سلوكها في تعاملها مع الشعب الفلسطيني، سلوك "أبارتهايد" عنصري فاشي. سلوك "حماس" حضاري إنساني، في تعاملها مع الرهائن الأسرى، وقد ردت عليه أمام الملأ والصحافة والرأي العام ليفشيتز بقولها: كيف تمت معاملتها من قبل "الإرهابيين" الفلسطينيين، طوال فترة احتجازها، مما شكل لطمة إنسانية أخلاقية للمستعمرة، دفعت قياداتها السياسية والإعلامية والحزبية والأمنية، للتعبير عن شجبها لما قالته المرأة الإسرائيلية اليهودية، في حق حركة "حماس" وعناصرها ونحو تعاملهم الأخلاقي الإنساني مع "الرهينتين" ووجهت الملامة للحكومة أنها لم تأخذ إجراءً احترازياً مسبقاً لمعرفة موقف المرأة قبل ظهورها أمام الإعلام وفضح سلوك "الإرهابيين" الأخلاقي. الإنحدار الأخلاقي الفاقد للقيم الإنسانية، وسلوكها المتطرف السياسي والديني لكل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم ومسيحي، من قبل المستعمرة الإسرائيلية، يظهر في قصفها العشوائي المنظم المقصود لقتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومؤسساتهم لجعل قطاع غزة برمته غير مؤهل للسكن والطمأنينة والحياة. الفريق الحاكم لدى المستعمرة، وائتلافه الحزبي، متطرف سياسياً ودينياً، يُعيد أصل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى جذوره: صراع على الأرض واحتلالها وعلى البشر لإنهاء وجودهم وتصفيتهم وتشريدهم خارج بيوتهم ووطنهم، كما حصل عام 1948، لأن تكون فلسطين وطناً خالصاً لليهود الأجانب المستعمرين. نجح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي في احتلال كامل خارطة فلسطين، ولكنهم فشلوا استراتيجياً في طرد كل الشعب الفلسطيني عن خارطة وطنه فلسطين، فالوجود البشري الإنساني على كامل خارطة فلسطين شعب يزيد على سبعة ملايين عربي فلسطيني، أي ليسوا جالية، بل شعب مكتمل يعيش على كامل أرضه رغم الاحتلال، ولهذا تعمل المستعمرة ما تحاول فعله في تقليص عدد هذا الشعب بالقتل المقصود المباشر المنظم، عبر القصف العشوائي المدمر القاتل. ليست معركة غزة أولى المعارك، وليست آخرها، وهي محطة من محطات الصراع على طريق الصمود والانتصار الفلسطيني، ولا خيار أمام الفلسطينيين سوى الصمود والانتصار ودفع ثمن كرامتهم وحريتهم وعودة اللاجئين منهم إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، ولا خيار لهم وأمامهم سوى طريق التضحية نحو الانتصار.

البوابة 24