تصرخ طفلة صغيرة من الألم، بينما يقوم الممرض بخياطة جرحاً في رأسها دون استخدام أي مخدر لعدم توافره في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
هذه واحدة من أسوأ اللحظات التي مر بها الممرض أبو عماد حسنين، أثناء وصفه للمعاناة التي يمرون بها في وقت يضطرون فيه للتعامل مع تدفق لم يسبق له مثيل للجرحى وندرة أدوية تخفيف الألم منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من شهر.
وأوضح حسنين: "في الغالب ما نعطيه الشاش المعقم لكي يقوم بالعض عليه لتخفيف الألم".
قراءة القرآن
وعند وصوله إلى مستشفى الشفاء لتغيير الضمادات وتطهير جرح في ظهره أصيب به في غارة جوية إسرائيلية، قال نمر أبو ثائر، وهو رجل في منتصف العمر، إنه لم يحصل على أي مسكنات للألم عندما تمت خياطة الجرح في الأصل.
وتابع: "ظللت أقرأ القرآن حتى انتهوا منه".
فيما أكد محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء، أن مع وصول أعداد كبيرة جداً من المصابين في وقت واحد فليس هناك خيار سوى علاجهم على الأرض دون أي عقاقير لتخفيف الألم بشكل كاف.
وضرب مثلا لهذا بما حدث مباشرة بعد الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي العربي يوم 17 أكتوبر، وقال إن نحو 250 جريحا وصلوا إلى مستشفى الشفاء الذي يضم 12 غرفة عمليات فقط.
وتابع أبو سلمية: "لو انتظرنا هذا العدد الضخم من الجرحى إلى أن ينتهي الواحد تلو الآخر لفقدنا الكثير منهم".
وأوضح: "اضطررنا أن نعمل على الأرض بدون أي تخدير أو بمخدر بسيط جداً أو مسكنات ضعيفة جدا حتى نستطيع إنقاذ حياة الجرحى".
أنواع العمليات
وأضاف أبو سلمية، أن العمليات التي أجرتها الأطقم الطبية في مستشفى الشفاء في مثل هذه الظروف شملت بتر أطراف وأصابع وخياطة جروح وعلاج حروق خطرة.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة، قال مدير المستشفى الطبيب محمد زقوت، إنه كانت هناك فترة في بداية الحرب نفدت فيها إمدادات التخدير بالكامل حتى سُمح لشاحنات المساعدات بالدخول.
وتابع زقوت: "تم إجراء عدة عمليات منها عمليات قيصرية لسيدات بدون بنج على الإطلاق، كان شيئاً مؤلماً جدا".
وأكد أن الأطقم الطبية بذلت قصارى جهدها لتخفيف آلام المرضى بأدوية أخرى أضعف تأثيرًا لكن هذا لم يكن كافيا.
واستطرد: "هذا ليس الحل الأمثل لمريض داخل غرفة العمليات، نريد إجراء العملية له تحت التخدير الكامل".