البوابة 24

البوابة 24

الاغتراب وعمق الوحدة في "لغة اللافا"

رواية "لغة اللافا" - عن دار الآن ناشرون وموزعون- هي الإصدار الجديد للكاتبة لميس نبيل أبو تمام، والتي تقوم على المشاعر العميقة للأنثى وصراعها مع ذاتها ومجتمعها في رحلة التعافي من الوحدة والهلوسات، والتخبط في مرحلة البحث عن عائلة تلغي الماضي المليء بالأسرار.

تتركنا الكاتبة في روايتها التي تنتمي لمدرسة الحداثة في الرواية بصحبة ومضات أمل وهمية في أجزاء من القطع المتوسطة تحمل كل منها عنوان أقصوصة، تثريها بالأشعار والموسيقى، ورسائل واضحة حول مفاهيم العزلة وما قد توصل صاحبها له. منحت الكاتبة للشخصيات هويتها الثقافية المعاصرة، وتسرد تفاصيل المكان وكأنه مجهول، مثلها تماما، وتكتفي بالتوصيف الجغرافي البسيط لتكشف بعد ذلك محاولاتها في الانتماء معتمدة على التسلسل المنطقي للأحداث، ثم تطرح التساؤلات لتحاكي الوعي لدى المتلقي وتترك له الإجابات، وتعود لتحيل الأحداث خلال السرد شيئا فشيئا إلى الزمان والمكان والأسماء المقصودة. بعيداً عن سمة التقليدية في الروايات، تتركنا الكاتبة لنتعرف على شخصيتها المحورية في أجزاء متقدمة من الرواية وتترك لنا الخيال في استكشاف المعالم الجغرافية والملامح الشخصية للأبطال شيئاً فشيئاً خلال السرد، معتمدة على لغة الراوية ذاتها في الكشف عن مكنوناتها. فحين تخبرنا عن نفسها تقول “طفلة تقرأ قصتها للمرة الأولى دون صوت حنون يملس شعرها قبل النوم، وتتساءل.. كيف لاسمها - بصحبة ذئب - نصيب بأن يمرّ على كل بيت عربي يغفو به طفل حالمٌ بغد جميل لا ذئاب فيه".

وحين تصف المكان تقول "من مدينة في قارة على سطح كوكب، أجلس هنا في البقعة الأشهر في محيطها، أتذكر السنوات الماضية ‏وأفكر في القادمة. ثلاثون عاما على شاطئ البحر الأحمر، مرّ آخر عقد فيها كقيلولة".

وتختتم صفحات الرواية في مكتسب ينتظره القارئ بلهفة لكنه يتركه في حيرة من أمره في نفس الوقت، فتعود التساؤلات من جديد، ما هي حقيقة اللافا ورمزيتها الشفافة في الرواية.

البوابة 24