جرائم بلا عقاب
الصحفي نبيل عبد الرازق
يعيش المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل على وقع جرائم يومية تعصف به بلا هوادة وتضرب في كل الاتجاهات. . .، ، وبلا شك فإن هذا الموت المجاني يستهدف بالأساس وجوده استكمالا لمشاريع سابقة من قبل المؤسسة الحاكمة. .، ،
وبالنظر إلى عدد ضحايا هذه الجرائم منذ العام (2000) والي الآن هناك أكثر من (1300) ضحية من أبناء مجتمعنا الفلسطيني كان أخرها وليس نهايتها قبل يومين مقتل ثلاث شبان في دير الأسد وأبطن اثنين منهم أشقاء. .، ،
وإذا ما أردنا معرفة أسباب هذه الآفة التي تفتك بمجتمعنا العربي هناك وتشكل خطرا وجوديا عليهم فهناك أسباب اجتماعية واقتصادية متأزمة خلقتها دولة الابرتهايد العنصري ضد هذا الوجود العربي الفلسطيني هناك. .، ، على اعتبار أن هؤلاء أقلية قومية ينظر إليهم على أنهم عدو وإبقائهم على هامش الدولة وخارج اهتماماتها من حيث تقليص الموازانات المالية لدعم التعليم والسلطات المحلية من بلديات ومجالس قروية. .، وخارج خطط التطوير. .، ،
أن إبقاء الوجود العربي خارج مفهوم المواطنة وما يترتب عليه من حقوق وحالة الفراغ الأمني المقصودة سمحت بإيجاد بيئة خصبة لتنامي هذه الظاهرة القاتلة وسمحت بوجود مجموعات وأشخاص فرضوا أنفسهم بالعنف من خلال الاتجار بالسلاح والمخدرات ومحاولة الهيمنة وفرض سطوتهم على المجتمع والبلديات للابتزاز والتكسب غير المشروع استغلوا المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الفلسطينيون نتيجة سياسة الإفقار المتعمد للمجتمع العربي. .، ،
وأيضا عدم وجود مشروع جامع لحماية الناس، ، وحالة الإحباط والاستقطاب الداخلي الذي كان أبرز تجلياتها عزوف الجماهير عن المشاركة بالانتخابات وتصويت جزء منهم للأحزاب الصهيونية رغبة في تحقيق بعض الوعود وحالة الانقسام التي حدثت للقائمة المشتركة مما أدى لتراجع فقدانهم معظم مقاعدهم في الكنيست الإسرائيلي وذلك لأسباب لسنا الآن في وارد ذكرها. .، ،
أن إبقاء الشعب العربي الفلسطيني خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها من خلال التشريع الذي تم بالكنسيت والذي يقر بيهودية الدولة! ! ! والعمل على تقزيم هذا الوجود من خلال نشر الجريمة والفقر والمخدرات وتشويه صورتهم تارة بوصفهم إرهابيين أثناء هبتهم بانتفاضته العام(2000), , , , وتارة بتغول الشرطة وممارسة العنف والقتل ضدهم واستشهاد ثلاثة عشر شابا بالمظاهرات والاحتجاجات التي صاحبت هبة القدس. ., ,
إنه في الوقت الذي يقتل فيه يهودي واحد لا يمر أكثر من أربع وعشرون ساعة حتى يتم إلقاء القبض على الفاعل، ، وفي نفس الوقت الذي يقتل فيه أكثر من ألف وثلاثمائة مواطن عربي من شباب ونساء وحتى أطفال لا يزال المجرمون طلقاء بلا حساب ولا يتم التعامل مع هذه الجرائم بجدية من قبل الشرطة ويترك الناس فريسة لهولاء المجرمين. .،
إن سياسة المؤسسة الإسرائيلية كانت دائما ضد هذا الوجود العربي الفلسطيني من خلال السماح لانتشار السلاح وما يصاحبه من فوضى لهذا السلاح واستخدامه لارتكاب الجرائم بسهولة وعدم محاسبة مرتكبيها ومعاملة العرب على أنهم من الدرجة الثانية، ، ،
وعدم إعطائهم الحقوق السياسية والمدنية كاملة وإبقائهم دائما محل الشك والتخوين، ، ، كان له الأثر البالغ على حالة الشعور بالاغتراب وما يرافقها من تقوقع وسلوك سلبي لمحاولة الحماية من خلال لجوء البعض إلى الاحتماء وراء القبلية والعشائرية وحتى العصابات الإجرامية وتنامي هذه النزعات مما يقوض فرص التعايش السلمي المشترك بأي مجتمع. .، ، ولا يمكن لهذا التراجع والتيه في الداخل المحتل أن يتم فصله عن السياق العام للحالة الفلسطينية العامة التي عانت الانقسامات العميقة والصراعات والفساد والإحباط والتقهقر وفقدان الثقة على اعتبار أن الجسد الفلسطيني واحد. .، ، على اختلاف أماكن تواجده، ، . .
وبلا شك كان هناك مبادرات عديدة من خلال لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية والتي يترأسها السيد محمد بركة وهي التي تمثل الكل العربي الفلسطيني في الداخل الأخضر وأيضا للقائمة المشتركة وعلى رأسها السيد أيمن عوده ورفاقه من كل الحركات. .، تظاهروا. . .، اغلقوا الطرقات. . .، اعتصموا. .، بالآلاف من رجال ونساء ضد هذا الإجرام المفتعل والجريمة بكل أشكالها والذي يهدد النسيج المجتمعي بأكمله ولكن باعتقادي أن هذا لن يكفي. . .، ،
طالما أننا على قناعة وإدراك أن ما يحدث من جرائم قتل وترويع وهدم وتخريب وحرق منازل بأيدي مجرمين من بين ظهرانينا يتم بتواطؤ كامل من قبل المؤسسة الصهيونية ممثلة بالأجهزة الأمنية والقضاء لتدمير هذا الوجود والقضاء عليه بدوافع عنصرية. .، ، إن هذا الإجرام لا ينهزم إلا أمام مجتمع قوي متماسك. . . ومن هنا لا بد من تصاعد هذه الاحتجاجات لتصل إلى حالة العصيان المدني الكامل. . .، ، ، والتمسك بالإرث النضالي لتوفيق زياد وإميل حبيبي وسميح القاسم والشيخ رائد صلاح وكل من ساهم وحافظ على هذا الوجود من الاندثار والذوبان، ، ،
يا شعبنا في الجليل والمثلث والساحل والنقب. .، ، لنصرخ جميعا صرخة واحدة. . . ضد العنصرية. . والقتل الممنهج. . والجرائم اليومية. . وهدم المنازل والقرى. . ومصادره الأراضي. . والتهميش وفوضى السلاح ونشر المخدرات والزعران . . باقون. . . متجذرون. . . ما بقي الزعتر والزيتون. .