بقلم: ميسون كحيل
لم يعد العمل الأمني والاستخباراتي يشبه الفترة الماضية وتحديدا في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات ففي تلك الفترة كان العمل اكثر دقة و سرية وأداء وتنفيذ، وفي نظرة سريعة الى حادثة إغتيال رئيس حركة حماس في طهران فهناك احتمالان لا ثالث لهما في حيثيات هذا الاغتيال، وقبل عرض الاحتمالان لا بد من التأكيد على ان العملية تمت من الداخل الإيراني وليس من خارجها! بمعنى ان منطقة الانطلاق والتنفيذ لم تكن من اسرائيل او اي دولة تشترك في حدودها مع ايران لبعد المسافة و ما يتطلب من احتياجات بسبب هذا البعد. كما ان لدقة عملية التنفيذ رؤية هامة بحيث ان المعطيات تؤكد عدم جدوى التنفيذ من بعيد.
في نفس الوقت، لا بد من العودة قليلا الى الوراء حيث اعلنت اسرائيل رغبتها في اغتيال قادة حماس في الخارج وتم التركيز حينها على ثلاث دول هي تركيا قطر، وايران ويشار الى ان كل من تركيا و قطر حذرتا اسرائيل من تنفيذ اي عملية اغتيال على اراضيهما، وبحكم العلاقة بينهما وبين اسرائيل تراجعت الاخيرة عن تنفيذ اي من عمليات الإغتيال في كل من دولتي تركيا و قطر. ومن الطبيعي حينها ان أي عملية اغتيال فانها حتما ستكون على الاراضي الإيرانية.
بالعودة الى الاحتمالين و مع الأخذ في الاعتبار توقيت عملية التنفيذ والسلاح المستخدم وقرب المسافة وتحديد مكان إقامة رئيس حركة حماس. والتحديد الأهم للغرفة التي كان يقيم فيها وتلك هي النقطة الفاصلة والحاسمة في عملية التنفيذ.
الاحتمال الأول ان النظام الإيراني ساهم و عمل على تنفيذ عملية الاغتيال مقابل مكاسب يمكن قد تم الحديث عنها والتشاور حولها مع اطراف اخرى دولية وخاصة أمريكية.
الاحتمال الثاني، وجود شخصيات سياسية وأمنية ايرانية على مستويات عالية كان لها دور في عملية الاغتيال؛ ما يؤكد ان ايران مخترقة استخباراتيا حيث ان تحديد مكان اقامة هنية بهذه الدقة تشير الى ان تحديد الغرفة هو مربط الفرس في عملية الاغتيال، وهذا لا يمكن ان يتم دون ترابط بين اشخاص من داخل المبني مع اشخاص من خارجه ومركز التواصل مع المنفذين والمشرفين على التنفيذ. إذن إن كل ما حدث يضع امام الجميع سؤاليين. هل تآمرت وعملت ايران على اغتيال رئيس حركة حماس؟ ام ان ايران ساحة للاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية ولديهما خلايا تعمل هناك عند الحاجة؟
الاحتمالان واردان اذا نظرنا بعمق الى الاهداف الإيرانية في المنطقة. ورغبتها ان تكون لاعب مهم في الساحة السياسية ولها تأثيرات وقادرة على المساعدة والتغيير. ففي الحالتان لا تهتم ايران بالاطراف المتحالفة معها ويمكن تحييدهم في اي وقت اذا ما حققت اهدافها، وقد يكون كثير من عمليات الاغتيال في دائرة هذه الاهداف بما فيها اغتيال اسماعيل هنية!
كاتم الصوت: من المتوقع تغييب عددا آخر من الشخصيات في الفترة القادمة بعد الرئيس الإيراني السابق و وزير خارجيته، ومن يشبههم في الساحات الاخرى.
كلام في سرك: الغرفة التي كان يقيم فيها اسماعيل هنية تجيب على التساؤلات جميعها المتعلقة بالتوقيت والمكان والمسافة ونوع السلاح. فماذا تبقى؟!
رسالة: من يريد ان يرد على ضربة تعرض لها لا يقوم بإقامة حفلة تعارف، بل يرد ويضرب والحديد حامي. الانتظار أخذ الاضواء ومنح الاحتلال تشديد الاستهداف على غزة مع نسيان عمل محكم ضد القطاع!! احتفظ بالاسماء