لم يكن العالم يتوقع أن تتوسع الحرب في غزة بهذا الشكل. توقعت آراء الخبراء أن تنتهي مثل الحروب السابقة في غزة: عمليات عسكرية محدودة تتبعها مفاوضات برعاية الوسطاء، ثم هدنة.
نتنياهو: زعيم بعيد عن التهدئة
لكن هذا السيناريو كان قد يحدث لو لم يكن بنيامين نتنياهو هو رئيس وزراء إسرائيل. الرجل الذي حكم البلاد لما يقارب ربع عمرها، أثبت مرة أخرى أنه بعيد عن التسويات والتهدئة، محولًا الصراع إلى حرب تبدل فيها الحدود وتتغير معها ملامح الخرائط. وبينما تقترب الحرب من عامها الأول، لا يوجد أي أفق واضح لما سيكون عليه الوضع في المستقبل.
ضغوط واشنطن وخطوط بايدن الحمراء
نتنياهو يُعد عبئًا على حلفائه بقدر ما يقلق خصومه. فقد مارست واشنطن ضغوطًا كبيرة عليه لتجنب اجتياح رفح، التي كانت تأوي نصف نازحي قطاع غزة حتى مايو الماضي. ومع ذلك، فإن "الخط الأحمر" الذي رسمه الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد اجتياح رفح تم تجاوزه حين دمرت دبابات نتنياهو هذا الخط في مايو، وسيطرت إسرائيل بالكامل على محور فيلادلفيا.
التفاوض: لعبة الشروط المعقدة
في ملف التفاوض، استخدم نتنياهو خبرته الطويلة للعب على الحبال. فقد قاوم رغبة جيشه وشعبه في إبرام صفقة لتحرير الأسرى، ورفض النداءات الدولية لفرض هدنة. ورغم إرسال الوفود الإسرائيلية إلى جولات التفاوض في الدوحة والقاهرة، كانت فرق التفاوض مقيدة بصلاحيات محدودة وشروط تعجيزية أمام مفاوضي حركة حماس.
تصعيد ميداني في الضفة
أما في الضفة الغربية، فقد زادت القوات الإسرائيلية من قمعها للمجموعات المسلحة الصغيرة، وأمعنت الجرافات في تدمير الطرقات الفلسطينية. في الوقت ذاته، أطلق نتنياهو العنان للوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ليعززوا نفوذهم في اتخاذ القرارات الحكومية.
عودة التوتر في لبنان
في لبنان، أوهم نتنياهو العالم، وخصوصًا واشنطن، بأن الجهود قد نجحت في منع انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية. لكنه، بعد استراحة قصيرة من معارك غزة، أعاد إشعال هذه المخاوف، وكأن 11 شهرًا من المساعي الأمريكية للتهدئة لم تحدث.
ضربات موجعة لحزب الله
شهد الأسبوع الماضي أحداثًا مزلزلة، من "ثلاثاء البيجر" إلى "أربعاء الووكي توكي"، والتي أسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى في صفوف حزب الله. لكن نتنياهو شعر بعد يوم واحد أن هذا لم يكن كافيًا لجر حزب الله إلى مواجهة واسعة، فوجه ضربة قاسية لقوات الرضوان في بيروت، طالت قائدها الأعلى وعددًا من قيادات الصف الأول.
تصعيد في الجنوب: نذر حرب مفتوحة
اليوم، ينفذ الجيش الإسرائيلي ضربات واسعة وقوية على قرى وبلدات جنوب لبنان، ويرتفع عدد القتلى مع كل دقيقة تمر. الحرب في لبنان لم تعد الحرب المنضبطة التي شهدها العالم طيلة الأشهر الماضية، بل هي نذر حرب مفتوحة وشاملة، تخشاها واشنطن والمجتمع الدولي.