كشفت صحيفة نيويورك تايمز، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى موقفًا متساهلًا تجاه إسرائيل مما يمنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساحة غير محدودة لتوسيع عملياته العسكرية في غزة، ورغم أن ترامب لم يعلن رسميًا دعمه للهجوم أو يدعو لضبط النفس إلا أن صمته فسر في تل أبيب على أنه ضوء أخضر لمواصلة الحرب حتى أقصى مدى.
مقارنة بين نهج بايدن ونهج ترامب
أعاد التقرير التذكير بفترة إدارة بايدن، حين حاولت واشنطن عام 2024 فرض قيود على إسرائيل أثناء استعدادها للهجوم على رفح مهددة بوقف شحنات الأسلحة ما لم تلتزم إسرائيل بخطة واضحة لحماية المدنيين، أما اليوم وفي ظل حكم ترامب، فقد بدا المشهد مختلفًا تمامًا إذ أطلقت إسرائيل هجومًا بريًا على غزة المكتظة بالسكان دون أي اعتراض أمريكي فعلي.
ورغم تحذيرات المجتمع الدولي من الخسائر البشرية الهائلة في غزة، اكتفى ترامب بالقول أمام البيت الأبيض: “لا أعرف الكثير عن الأمر، يجب أن أرى”، والمفارقة أن الرئيس الأمريكي يقدم نفسه كـ"صانع سلام"، ويدعو علنًا إلى إنهاء الحرب، لكنه عمليًا يتجنب الضغط على إسرائيل مكتفيًا بتهديدات عامة ضد حماس تفسر في تل أبيب كدعم غير مشروط.
شهادة دبلوماسية
صرح الدبلوماسي الأمريكي السابق دانيال كيرتزر، الذي عمل سفيرًا في إسرائيل خلال إدارة بوش، بأن ترامب يريد إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، لكنه لا يملك خطة أو إرادة للضغط على نتنياهو، محذرًا من أن تهديداته لحماس تترجم من جانب إسرائيل كتشجيع للاستمرار في التصعيد، وأكد كيرتزر أن ترامب وحده يملك النفوذ لإنهاء الحرب، لكنه يكتفي بالتصريحات دون أفعال ملموسة.
زيارة روبيو
تناولت الصحيفة أيضًا زيارة السيناتور ماركو روبيو إلى إسرائيل وقطر، مشيرة إلى أنه لم يضغط على نتنياهو لوقف العملية البرية، بل أعلن أن واشنطن ستكتفي “بالاستماع” لما ستفعله إسرائيل، وفي مؤتمره مع نتنياهو، أكد روبيو أن الوقت ينفد للتوصل لاتفاق في رسالة فهمت على أنها إنذار لحماس أكثر من كونها تحذيرًا لإسرائيل.
انتقادات داخلية وخارجية
وعلى الرغم من غضب المجتمع الدولي من السلوك الإسرائيلي في غزة، فإن ترامب لم يوجه انتقادات واضحة لنتنياهو مؤخرًا، بل على العكس، تجاهل تقارير التجويع الجماعي للأطفال الفلسطينيين ولم يعلق على النقص الكارثي في الغذاء والدواء مكتفيًا بمطالبة إسرائيل في وقت سابق بزيادة دخول المساعدات.
خطر الاعتراف بالدولة الفلسطينية
أشار التقرير إلى أن نهج ترامب المتساهل سوف يختبر قريبًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يخطط عدد من الحلفاء الغربيين لطرح ملف الاعتراف بدولة فلسطينية في خطوة قد تثير أزمة دبلوماسية واسعة خاصة إذا ردت إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما قد ينسف ما تبقى من اتفاقيات أبراهام التي رعتها إدارة ترامب الأولى.
معضلة “اتفاقيات أبراهام”
ورغم أن ترامب يتباهى بدوره في إنجاز اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، فإن حرب غزة وضعت خططه لتوسيع هذه الاتفاقيات خصوصًا مع السعودية في مأزق حقيقي، فإقدام إسرائيل على ضم أراضي من الضفة سيجعل من المستحيل المضي في هذا المسار، وقد يضطر ترامب عندها إلى اتخاذ قرار غير مريح بشأن فرض قيود على حليفه الأقرب نتنياهو.