الاختراق المميت

صورة توضيحية
صورة توضيحية

عمل استخباراتي طويل الأجل:

لقد تميزت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في العمل الإستخباراتي بشكل احترافي منه ما هو قصير الأجل، ومنه طويل الأجل وهو الأهم. فالولايات المتحدة الأمريكية طالما عملت بجدية من أجل تجهيز وتحضير و دعم رؤساء دول لفترات قادمة ومساعدتهم في استلامهم قيادة بلدانهم كمنقذين لشعوبهم! كما عملت دولة الإحتلال على نفس هذا النهج بطريقة مشابهة من أجل تجهيز وصقل ورعاية وتدريب شخصيات تطمح في استلام مراكز ومناصب ومواقع هامة في أحزابهم وتنظيماتهم ودولهم أيضًا ولا تبحث عن النتائج في فترة قصيرة بل يتم تركها إلى حين الحاجة لتنفيذها.

مستقبل الرافض ومستقبل الموافق:

من الطبيعي جداً أن تواجه إسرائيل شخصيات لا يمكن في أي حال من أحوال القبول بربط وطنيتها بمصالح و أهداف اسرائيل. و فشل المساومة يعني أن مصير هذه الشخصيات إما القتل أو البقاء في المعتقلات إلى ما شاء الله. أما في ذكر الشخصيات التي يمكن لها أن تضعف وتتقبل المعروض عليها فان ذلك يعتمد بشكل كبير على النظرة الإسرائيلية للشخص وأسلوب حياته السابقة وظروفها وطريقة تفكيره وحدود الإستفادة منه حيث يتم تحديد المسار التي ترغب أن تجعل هذا الشخص أن يسلكه مع إيجاد و توفير القناعة لدى بقية الأطراف بوطنيته.

درجات الربط والأجل القصير:

في الغالب لا يكون الشخص المرتبط صاحب الأجل القصير على درجة هامة لدى الإسرائيليين فتحدد مساحة له قصيرة لضخ المعلومات المرحلية والأحداث التي تتسم بالمؤقتة أو العابرة ولا يهم الإسرائيليين اكتشاف أمر هذا الشخص أو حتى قتله وفي كل الحالات هي عمليات معلوماتية تسفيد منها لفترة بسيطة.

الضعف والقوة في العمل الإستخباراتي:

الضعف بشكل عام يكمن في عدم السرية، وعدم التجديد اللازم الى الأشخاص والمناصب، والظهور المتكرر، واتساع حلقات المعرفة. أما القوة تكمن في السرية المطلقة وحدود الحلقات وعدم تداخل المهمات والمعرفة حسب الحاجة. فما من شك أن الإغتيالات التي تمت ضد شخصيات معروفة اعتمدت على خطط تم دراسة الخلل في الطرف الآخر عند وضعها. وهذا وفر سهولة في ادراك المعلومة والمعرفة ولكن هناك ما هو أهم وهو دراسة علاقات الهدف وطريقة عمله وفي معرفة الحصول على الدعم اللوجيستي وتحديد موارده ولوازمه وسلوكيات الحصول عليها وهي ما وفرت لإسرائيل كافة المعلومات التي يمكن استغلالها في عمل كبير مثل ما حدث في عملية البيجر و وسائل الإتصال التي يملكها حزب الله.

الاختراق المميت:

كيف تم إغتيال هذا العدد من قيادات الصف الأول والثاني لدى حزب الله؟ كيف عرفت الإستخبارات الإسرائيلية في أماكن تواجدهم؟ ما هي الطريقة التي وصلت إليها لإجتماع قيادة الرضوان ومكانه؟وهذه المعلومات لا شك أنها مختلفة وتختلف عن كيفية معرفة الإستخبارات الإسرائيلية لعدد من مواقع تخزين الصواريخ والأسلحة. ذلك أن معلومات تواجد القيادات ومواعيد و أماكن عقد اجتماعاتهم تعتمد بالدرجة الأولى على الحلقة الضيقة لهؤلاء القادة وممن هم قادرون على ايصال المعلومات حتى في ظل تواجدهم كمرافقون أو حماية أو مساعدين أيضاً. 
أما معلومات أماكن تخزين الأسلحة والصواريخ فذلك يكفي أن يتم تجنيد عدد من الأشخاص في كافة مناطق تواجد حزب الله وعناصره المعروفين أصلاً للبقية من خلال البهرجة الإعلامية وعدم الإلتزام بالسرية خاصة في الجنوب اللبناني وكذلك على شكل أفراد لا يعرفون بعضهم على شكل خلايا ضيقة توزع العمل فيما بينهم.

عملاء متنفذون:

الملفت للنظر تكرار هذه الإغتيالات وبطرق مشابهة ما يدل على تمكن هؤلاء العملاء من إستمرار نقل وإيصال المعلومات واستمرارهم ضمن الحلقات الضيقة وبالطبع هذا لا يمنع من وجود أيضاً عملاء لديهم معرفة وعلم بمعظم الأماكن التي لها علاقة بالحزب و تترقب حضور و تواجد قيادات الى هذه الأماكن.

إيران و دورها في توريط أذرعها:

يستحضرني عملية سقوط طائرة الرئيس الإيراني السابق التي حتماً عملية لها علاقة مباشرة في التخلي الواضح الآن عن حزب الله وعن أذرع أخرى ضاعت بوصلتها وورطتها إيران في معارك خاسرة ستظهر حتماً أثمانها. وللحديث بقية

البوابة 24