شكلت الحرب في سوريا عاملًا رئيسيًا في تسهيل الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي ضد حزب الله، حيث استطاعت إسرائيل بناء "قاعدة بيانات" ضخمة عن نشطاء الحزب.
في تقرير موسع نشرته صحيفة ط"فايننشال تايمز" البريطانية بعنوان "كيف تسلل جواسيس إسرائيليون إلى حزب الله"، كشف سياسي لبناني كبير سابق أن نشطاء الحزب اضطروا إلى كشف أنفسهم أثناء الحرب في سوريا، وتبادل المعلومات مع أجهزة مخابرات النظام السوري أو الروسية، مما جعلهم عرضة للمراقبة الأمريكية والإسرائيلية.
ووفقًا للتقرير، نجحت إسرائيل في تغيير ميزان القوى لصالحها عقب الاغتيال المفاجئ للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في بيروت. بعد مراقبة طويلة وجمع معلومات استخباراتية دقيقة، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا استهدف مخبأ نصر الله تحت الأرض باستخدام عشرات القنابل، في عملية وُصفت بأنها كانت مستحيلة حتى وقت قريب.
تحول استراتيجي: من مراقبة الأسلحة إلى دراسة حزب الله بعمق
وأفاد التقرير أن النجاح الإسرائيلي كان نتيجة تغيير في النهج الاستخباراتي، حيث بدأت إسرائيل في دراسة حزب الله ليس فقط من الناحية العسكرية، بل باعتباره "جيشًا معقدًا" ذو هيكل عسكري وسياسي واقتصادي.
تقنيات متقدمة: أقمار التجسس والطائرات بدون طيار في خدمة الاستخبارات
وأكدت الصحيفة أن مشاركة حزب الله في الحرب السورية جعلته أكثر عرضة للاختراق، مما مكن المخابرات الإسرائيلية من الحصول على معلومات قيمة عبر مراقبة الشبكات الاجتماعية، وإشعارات النعي، وتتبع كبار المسؤولين في الحزب الذين حضروا الجنازات.
وبفضل تقنيات متقدمة مثل أقمار التجسس والطائرات بدون طيار والهجمات السيبرانية على الأجهزة الذكية، تمكنت إسرائيل من إنشاء بنك أهداف ضخم شمل آلاف المواقع. ساعدت هذه المعلومات القوات الجوية الإسرائيلية في تنفيذ ضربات دقيقة على أهداف متنوعة خلال فترة قصيرة.
الاختراق السيبراني: تحليل سلوك نشطاء حزب الله
طورت الوحدة 8200 التابعة للمخابرات الإسرائيلية خوارزميات متقدمة لتحليل التغييرات الدقيقة، مثل بناء مخابئ جديدة أو وضع شحنات جانبية. وللتجسس على عناصر حزب الله، تم اختراق كل الأجهزة الممكنة، من التلفزيونات إلى الكاميرات الأمنية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بمجرد تحديد هوية عنصر في حزب الله، يتم إدخال تفاصيل حياته اليومية في قاعدة بيانات تضم معلومات مثل سيارته، مواقع تواجده، وحتى الهاتف المحمول لزوجته. وأي تغيير في الروتين اليومي قد يشير إلى تحضير لشن هجوم.
أصبحت قاعدة بيانات إسرائيلية عن أهداف حزب الله مفصلة جدًا، وتشمل كل مركز قيادة، مستودع أسلحة، مخبأ تحت الأرض، أو شقة قائد في الحزب. هذه الأهداف جاهزة للإزالة السريعة في حالة وقوع هجوم.
وفي الأيام الثلاثة الأولى من الهجوم الجوي، استهدفت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 3000 هدف، وهي ضربة غير مسبوقة لحزب الله منذ سنوات. وفي الأشهر الأخيرة، طورت المخابرات الإسرائيلية تقنية سمحت لها بتحديد موقع حسن نصر الله، الذي اغتيل يوم الجمعة الماضي في المقر المركزي للحزب.