إسرائيل توجه رسالتين خطيرتين لحماس.. ماذا تخفي وراء الحرب على غزة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، اليوم الأربعاء، بأن إسرائيل، من خلال عودتها إلى الحرب على قطاع غزة، وجّهت رسالتين واضحتين في اتجاهين محددين.

رسائل إسرائيل من الحرب على غزة

وذكرت "الصحيفة اللبنانية"، أن الرسالة الأولى تؤكد أن الخيار العسكري لا يزال مطروحًا على الطاولة، وأن إسرائيل مستعدة لاستخدامه مجددًا إذا استمرت حركة "حماس" في موقفها الرافض للإفراج عن الأسرى دون مقابل يرضي تل أبيب، أما الرسالة الثانية، فهي بمثابة تحذير مباشر بأن إصرار الحركة على موقفها سيقود إلى تصعيد أعنف وأكثر دموية، وهو ما جاء واضحًا في البيانات الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع انطلاق الهجمات فجر أمس، علاوة على التصريحات التي أطلقها وزير الأمن يسرائيل كاتس، الذي استخدم لغة شديدة اللهجة تشبه إلى حد كبير تلك التي يعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حينما هدد الفلسطينيين بـ"فتح أبواب جهنم" عليهم.

محاولة لفرض شروط على حماس

وأوضحت "الصحيفة"، أن الضربات الجوية الإسرائيلية الواسعة على قطاع غزة بمثابة نقطة فاصلة في سياق الصراع المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تعكس بشكل واضح فشل كافة الجهود الدبلوماسية والمساعي التفاوضية التي وصلت إلى طريق مسدود، نتيجة مماطلة وتسويف إسرائيليين، ومحاولات مستمرة لفرض شروط على حركة "حماس"، قوامها القبول باتفاق ينصّ على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين دون ضمانات مقابلة أو مكاسب متناسبة.

وفي سياق متصل، أشارت "الصحيفة"، إلى أن التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير تم بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأميركية، بل يمكن القول إن تل أبيب نالت "ضوءًا أخضر" صريحًا من واشنطن، وربما حتى دفعة وتشجيعًا، خصوصًا وأن الإدارة الأميركية أصدرت قبل ساعات قليلة من الغارات تحذيرًا مباشراً للحركة، توعدتها فيه بدفع "ثمن باهظ" إذا لم تتراجع عن مواقفها التي وصفتها بـ"المتعنتة"، في ما يظهر وجود توافق استراتيجي واضح بين الولايات المتحدة وإسرائيل على تبنّي القوة كأداة أساسية للضغط على "حماس" ودفعها إلى تقديم تنازلات.

ليس استعادة الأسرى

كما أردفت صحيفة "الأخبار"، أن الذريعة المعلنة لإعادة إشعال الحرب والمتمثلة في "تعنت حماس" ورفضها إطلاق سراح الأسرى لا تعبر عن الواقع بدقة؛ إذ إن الأسباب الكامنة وراء التصعيد أعمق وأوسع، وكان مخططًا لها منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار في يناير الماضي. فمنذ اضطرار إسرائيل إلى قبول الاتفاق عقب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتحديدًا ما يطلق عليه المرحلة الأولى من الصفقة (تبادل أسرى مقابل أسرى وتقديم مساعدات إنسانية)، سعت تل أبيب جاهدة إلى عرقلة أي خطوات باتجاه المرحلة الثانية، التي كان يفترض أن تتضمّن التزامات بانسحابها من القطاع ووقف دائم لإطلاق النار.

المرحلة الثانية من الاتفاق لن ترى النور

ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، فإن وسائل الإعلام العبرية نقلت عن نتنياهو تأكيده لشركائه في الائتلاف حينها أن "المرحلة الثانية من الاتفاق لن ترى النور، وأن العودة إلى الحرب حتمية"، وهو ما انعكس بوضوح في تعاطي إسرائيل، حيث لم تدخل في أي مفاوضات جادّة بشأن المرحلة الثانية، وكان هناك انسجام كامل بينها وبين الوسيط الأميركي في هذا المسار، حيث تركّزت جهودهما على الضغط على "حماس" لإطلاق أكبر عدد ممكن من الأسرى، تمهيدًا لاستئناف العمليات العسكرية في ظروف تضعف الحركة بعد أن تنتزع منها ورقة الضغط الأبرز.

حماس أمام خيارين

واستطردت "الصحيفة"، موضحة أن "حماس" وضعت أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما أن توافق على تسليم ورقة الأسرى مقابل هدنة مؤقتة، ليُستأنف بعدها القتل والقتال بلا قيود، أو أن ترفض وتجدد المعركة دون هدنة، مع الحفاظ على ورقة الأسرى كورقة ضغط بيدها.

والجدير بالإشارة أن "حماس" قد اختارت الخيار الثاني باعتباره الأقل سوءًا، لا سيما في ظل قناعتها بأن التصعيد العسكري سيحدث في كل الأحوال، مع اختلاف التوقيت فقط. فإسرائيل، مدعومة بالإدارة الأميركية، كانت تخطط للعودة إلى العمليات العسكرية لاحقًا، بعد إخضاع الحركة وإجبارها على الرضوخ، وهو ما فطنت إليه "حماس"، فرفضت التوقيع على اتفاق استسلام، لتُسرّع كل من تل أبيب وواشنطن خطوات العودة إلى القتال.

وفي السياق ذاته، لفتت "الصحيفة"، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة، في المدى المنظور، ستتابعان عن كثب رد فعل "حماس"، ومدى تأثر قرارها بالهجمات الأخيرة، ليعاد بعد ذلك تقييم الخيارات؛ وفي حال تبين لهما استمرار الحركة في مواقفها، من المرجح أن يتجها إلى تصعيد العمليات، وتكثيف وتيرتها، مع توسيع دائرة القتل، وربما الشروع في خطوات تستهدف دفع المدنيين إلى النزوح مجددًا. 

استراتيجية إسرائيل من عودة الحرب على غزة

وفي كل الأحوال، فإن التصعيد العسكري الإسرائيلي الحالي يكشف عن استراتيجية واضحة قوامها استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية، حيث أن الهدف الأساس لا يتمثّل في إطلاق الأسرى فقط، رغم أهميته، بل في إجبار "حماس" على الاستسلام الكامل، وتقبّل الشروط كما تملى عليها من تل أبيب. 

والجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية تحظى بدعم أميركي مطلق، يصعب في هذه المرحلة تحديد سقفه، إذ قد يتغيّر أو يتبدل تبعًا للمتغيرات القادمة والتدخلات المحتملة، وإن كان الأصل أن هذا الدعم غير مشروط منذ البداية.

صحيفة الأخبار اللبنانية