تصريحات ويتكوف الأخيرة تربك إسرائيل.. هل تغير الموقف الأميركي؟

نتنياهو وويتكوف
نتنياهو وويتكوف

نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مصادر مطلعة، أن المقابلة التي أجراها المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يوم أمس الجمعة، قد جاءت مفاجئة وأثارت حالة من الاستغراب داخل الأوساط الإسرائيلية.

وأوضحت "الصحيفة العبرية"، أن ويتكوف كشف خلال المقابلة التي أجراها مع الصحفي الجمهوري المعروف تاكر كارلسون، عن الفجوات الجوهرية بين الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، مشددة على أن الولايات المتحدة لا ترى أن استمرار المفاوضات بشأن صفقة ما يتماشى مع توجّهات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك على عكس ما يتم الترويج له من قبل بعض المصادر بين الحين والآخر.

تل أبيب تتمسك بالقتال وفق رؤية نتنياهو وكاتس

كما لفتت "الصحيفة"، إلى أن مسؤولين إسرائيليين مشاركين في محادثات صفقة تبادل الرهائن، أفادوا مساء السبت، بأن إسرائيل لن توافق بعد الآن على إجراء مفاوضات في ظل استمرار إطلاق النار في غزة، وهو الموقف الذي يتماشى مع رؤية كلٍّ من نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس الداعية لاستئناف العمليات العسكرية.

2.JPG
 

وفي السياق ذاته، أوضح "المسؤولين"، أن اللجوء إلى الضغط العسكري جاء كردّ فعل ضروري بعد أن توقفت حركة حماس عن التفاوض بشكل فعّال، مشددين على أن إسرائيل تعول الآن على تصاعد هذا الضغط ليصبح أكثر فاعلية وتأثيرًا. 

وحذر "المسؤولين": "إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن، فإن وتيرة القتال ستتصاعد بشكل أكبر".

جهود خلف الكواليس رغم تعثر خطة ويتكوف

ووفقًا لـ "الصحيفة العبرية"، فإن فشل خطة ويتكوف دفع الوسطاء الدوليين إلى العمل بعيدًا عن الأضواء بهدف تحريك مبادرة لإطلاق سراح خمسة رهائن، غير أن حماس في الوقت الراهن ترفض أيضًا هذا الطرح.

3.JPG
 

وأشارت "الصحيفة"، نقلًا عن مصادر إسرائيلية مطلعة تأكيدها أن قنوات الاتصال مع الوسطاء لا تزال نشطة، معربة عن أملها في أن تسفر هذه الجهود عن دفع حماس للدخول في مفاوضات جدية تؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن، لتكون إسرائيل حينها مستعدة لبحث مسألة وقف إطلاق النار واستئناف إيصال المساعدات إلى غزة.

إشادة مشروطة بنتنياهو وانتقادات لغياب الأفق

وأردفت"الصحيفة"، أن ويتكوف، رغم إشادته بنتنياهو خلال المقابلة، مثنيًا على إنجازاته العسكرية ضد إيران وحزب الله وحماس، إلا أنه لم يخفي ملاحظاته حيال تعارض سياسات نتنياهو مع الرغبة العامة لدى الإسرائيليين، خصوصًا فيما يتعلق بمصير الرهائن.

ونقلت "الصحيفة"، عن ويتكوف قوله: "أدرك موقف الذين يوجّهون الانتقادات لرئيس الوزراء لهذا السبب، حتى وإن لم أكن أتفق معهم دائمًا"، كما وجه انتقادًا واضحًا لإسرائيل لافتقارها لرؤية واضحة لما بعد انتهاء العمليات العسكرية، رغم مرور ما يقرب من عام ونصف على اندلاع القتال.

بنيامين-نتنياهو-2.jpg
 

وفي هذا السياق، أردف ويتكوف: "عندما أتحدث مع قادة دول المنطقة، يسألونني: ما هو الهدف النهائي لإسرائيل؟ ما هي الخطة بعيدة المدى؟ لا توجد خارطة طريق أو أفق واضح، وهذا الأمر يكرس حالة من عدم الاستقرار".

صدمة الرهائن ومطالبة بمفاوضات فعالة

وتوقف "ويتكوف" عند لقائه مع عائلات الرهائن في ساحة تل أبيب، لافتًا إلى أن تلك اللقاءات كان لها أثر بالغ على مشاعره، واصفًا ما يحدث بـ"الصدمة الوطنية التي تمس روح إسرائيل"، وفق تعبيره، مؤكدًا أن على الحكومة الإسرائيلية أن تدرك ضرورة الجمع بين الضغط العسكري والدخول في مفاوضات فعّالة.

وشدد "ويتكوف"، قائلاً: "لا يمكن التفاوض دون وضوح الرؤية حول الهدف النهائي الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه".

تحذير من تكرار الدائرة وإعادة التفكير في غزة

وفي تحذير واضح، أشار "ويتكوف"، إلى أن إعادة غزة إلى نقطة الصفر بعد انتهاء العمليات العسكرية قد يمهّد الطريق أمام اندلاع جولة جديدة من القتال خلال السنوات القادمة، قائلًا: "لا يمكن الاستمرار في المعادلة ذاتها من الحرب، ثم إعادة الإعمار، ثم العودة للحرب مجددًا، لقد شهدنا هذا السيناريو لعقود، الرئيس ترامب يريد منا أن نفكر بشكل مغاير وأن نطرح حلاً مستقرًا".

كما اقترح "ويتكوف"، بدلًا من التركيز على برامج إعادة التأهيل المحدودة المعتمدة على المساعدات الإنسانية، رؤية اقتصادية شاملة وطويلة الأمد لمستقبل غزة.

خطة اقتصادية بديلة بعيدًا عن فكرة الترحيل

وخلافًا للأفكار المطروحة في إسرائيل مؤخرًا بشأن خطط الترحيل، أشار المبعوث الأمريكي إلى ضرورة بلورة تحرك مشترك يتضمن استثمارات واسعة النطاق في مجالات البنية التحتية، والإسكان، وفرص العمل، والتعليم، علاوة على الصناعات الحديثة مثل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وإنتاج الأدوية.

وقال "المبعوث الأمريكي": "يحتاج سكان غزة إلى الأمل، ولا يمكن بناء دولة على شبكة أمان قائمة فقط على المساعدات، يجب أن نوفّر لهم أفقًا حقيقيًا".

واستطردت "الصحيفة"، أن ويتكوف، رغم حرصه على عدم استخدام مصطلح "حل الدولتين"، شدد على أهمية إيجاد مساحة تتيح للفلسطينيين العيش بكرامة وتحقيق تطلعاتهم، موضحًا: "الأمر لا يقتصر على توفير المنازل، بل يتعلق أيضًا بمنحهم مستقبلاً وحلمًا، كما يتمتع به أطفالنا ينبغي أن يتمتعوا به كذلك".

استغراب إسرائيلي من تصريحات ويتكوف

أما فيما يتعلق بحركة حماس، فقد أكد "ويتكوف"، أن وجود منظمة مسلحة في غزة أمر لا يمكن القبول به، لافتًا إلى أن إسرائيل لن توافق مطلقًا على استمرار هذا الوضع. غير أنه لفت إلى أنه في حال تخلّت حماس عن سلاحها، فقد يكون هناك مجال لبحث بعض أشكال التدخل السياسي، معتبرًا أنه "من المستحيل إدارة غزة تحت تهديد سلاح حماس".

وذكرت "الصحيفة"، نقلًا عن مصادرها، بأن تصريحات ويتكوف المتعلقة بإمكانية وجود حماس في غزة بعد نزع سلاحها، أثارت استغرابًا واسعًا في إسرائيل.

كما أضافت "الصحيفة"،أن الأوساط الإسرائيلية تستغرب كذلك احتمال أن يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المستقبل لصالح وقف إطلاق النار، رغم دعمه الحالي لإسرائيل.

يديعوت أحرونوت