معاناة النازحين في غزة: مأساة إنسانية تتفاقم في ظل استمرار الحرب

معاناة النزوح
معاناة النزوح

بينما يجلس ماهر، الطفل الصغير في حضن والدته، يمسك بحواف وشاحها بنظرات يغمرها الغضب تجاه الخيمة التي تأويه، ويهمس بخجل: "أنا لا أحب هذه الخيمة"، كلمات تحمل في طياتها ألماً لا يليق بطفل في عمره. 

فقبل النزوح، كان لديه منزل ذو جدران وسقف يحميه، وكان لديه مكان آمن يحتفظ فيه بألعابه، أما الآن، فلم يتبقى له سوى مأوى هش بالكاد يقيه برد الشتاء.

ويسأل ماهر ببراءة ممزوجة بالفضول: "لماذا لا تضعون مشمعاً على السقف؟"، سؤال يعكس واقع أطفال غزة الذين نشأوا وسط الدمار وتعلموا مبكراً كيف يبنى المأوى بعدما شهدوا منازلهم تنهار أمام أعينهم.

اقرأ أيضًا:

مأساة النزوح المستمرة

اضطرت مها، والدة ماهر، إلى مغادرة شمال غزة بعد إصابتها لكنها تأخرت في النزوح مما جعلها شاهدة على مشاهد لا يمكن نسيانها، وبصوت مثقل بالحزن، تقول: "رأينا جثثاً ملقاة في الشوارع... أجساداً أكلتها الكلاب والقطط الضالة"، لم تكن رحلتها مجرد نزوح، بل كابوساً مستمراً. 

لجأت إلى مدرسة بحثاً عن الأمان لكنها تعرضت للقصف وفقدت كل ما تملكه، وانفصلت عن زوجها عند أحد الحواجز ومنذ ذلك الحين لا تعرف مصيره.

تعيش مها اليوم مع أطفالها في خيمة لا تقيهم البرد القارس، ومياه الأمطار تتسرب إلى الداخل تحول الأرض إلى وحل وتبلل القليل الذي تبقى لهم من ممتلكات، وتقول بحسرة: "عندما تمطر، تصبح الحياة فوضى، حتى القليل من المطر يحول المكان إلى بركة مياه".

مثل مها، تعيش آلاف العائلات في غزة في ملاجئ مؤقتة لا توفر سوى الحد الأدنى من الحماية من العوامل الجوية، ومع قلة المساعدات الإنسانية يصبح البقاء على قيد الحياة تحدياً يومياً.

دعم محدود وأزمة متفاقمة

رغم الجهود الإنسانية، لا تزال الاحتياجات ضخمة، ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يوجد في غزة أكثر من 1.9 مليون نازح والمأوى يبقى من أكثر الاحتياجات إلحاحاً.

ومنذ أكتوبر 2023، قامت المنظمة الدولية للهجرة بتوفير أكثر من 1.5 مليون مادة إغاثية، تشمل الخيام، والأغطية، والإمدادات الأساسية، في محاولة لدعم النازحين، كما أطلقت برنامج الإمداد العام في مارس 2024، بهدف تسريع إيصال المساعدات الطارئة للشركاء المحليين، مما يضمن وصول الإمدادات بسرعة وكفاءة أكبر.

ولكن مع استئناف الحرب ووقف إدخال المساعدات في مارس 2025، ازدادت معاناة النازحين، مما يضع أكثر من مليوني فلسطيني تحت خطر المجاعة والتشرد.

نداء عاجل لوقف إطلاق النار

تدعو المنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب منظمات إنسانية أخرى، إلى استعادة وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون انقطاع، فالاستمرار في منع وصول الإغاثة يعرض حياة مئات الآلاف للخطر، ويزيد من حدة الكارثة الإنسانية.

وتختتم مها حديثها بأمل يختصر معاناة ملايين الفلسطينيين: "أتمنى أن تنتهي الحرب، أريد أن أعود إلى بيتي في الشمال حيث كنت أشعر بالأمان".

موقع الأمم المتحدة