ايقاف العدوان قرار بيد تحالف الصناعات الحربية
بقلم بسام صالح
منذ السابع من اكتوبر 2023 ونحن فلسطينيين وعرب وحركة تضامن نناشد وبقوة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، العمل لوقف العدوان الاسرائيلي وما يقوم به من عمليات الابادة الجماعية بحق ابناء شعبنا في غزة. مناشدات اندثرت مع الدمار الذي خلفته غارات الطائرات الصاروخية على كل ما يتحرك في القطاع من بشر وحجر وشجر فاحرقت الاخضر واليابس وجعلت القطاع منطقة لا يتوفر فيها الحد الادني لاقامة الانسان.
كنا نعلم جيدا ان العدوان ما كان له ان يستمر لولا الدعم والمشاركة الامريكية وتواطؤ العديد من الدول الاوروبية وغيرها، التي التزمت الصمت شبة الكامل اذا استثنينا بيانات المجاملة ورفع العتب. ومع ذلك لم تتوقف لا مناشدات العجز ولا بيانات المجاملة وظهر واضحا عجز المجتمع الدولي كي لا نقول تورطه ومشاركته في العدوان على شعبنا.
والحقيقة ان اسرائيل لا تستطيع ايقاف حروبها في المنطقة ولا الاتحاد الاوروبي ولا الغرب يستطيع ايقاف الابادة الجماعية في غزة، ذلك لانهم جزء لا يتجزأ من المجمع الصناعي العسكري الاسرائيلي الامريكي. ومنذ انشاء هذا الكيان تلقت تل ابيب ما يزيد على 260 مليار دولار من المساعدات العسكرية الامريكية. ومنذ السابع من اكتوبر تجاوز الدعم 20 مليار دولار.
يقول الصحفي الايطالي البيروتو نيغري في مقالة له " ان اسرائيل تقف في طليعة البحث العلمي والتكنولوجي العسكري، وهي واحدة من أكبر مصدري الأسلحة وفي الوقت نفسه واحدة من أكبر عملاء الشركات الأمريكية بوينغ وجنرال ديناميكس ولوكهيد مارتن وRTX (رايثيون تكنولوجيز)." ويضيف " تعد هذه الشركات من بين الموردين الرئيسيين للتكنولوجيا العسكرية، مثل طائرات إف-35 المقاتلة والصواريخ المتقدمة وأنظمة الدفاع الجوي التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي".
يسترسل نيغري بقوله "خلف هذه الشركات تكمن بنية مالية عالمية: صناديق الاستثمار الدولية المعروفة باسم "الثلاثة الكبار": فانغارد، وبلاك روك، وستيت ستريت. وتعد صناديق الاستثمار الثلاثة من بين أكبر وأهم المساهمين في شركات الأسلحة الكبرى والعديد من القطاعات. تملك شركات فانجارد وبلاك روك وستيت ستريت حصصًا كبيرة في شركات بوينج ولوكهيد مارتن وRTX، مما يؤثر على إدارة واستراتيجيات هذه الشركات. وترتبط زيادة الإنفاق العسكري الإسرائيلي ومشتريات الأسلحة ارتباطاً وثيقاً بأرباح هذه الشركات".
ومما تجدر الاشارة اليه قامت شركة لوكهيد مارتن بتزويد إسرائيل بطائرات مقاتلة من طراز F-35، والتي تعتبر حجر الزاوية في قدراتها العسكرية. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، تمكنت طائرات إف-35 من تدمير 80% من الدفاعات الجوية الإيرانية في يوم واحد.
وتتولى شركة بوينغ بيع الطائرات المقاتلة والصواريخ، في حين زودتها شركة آر تي إكس بأنظمة صاروخية ودفاعات جوية متطورة. إن كل عملية بيع لا تؤدي فقط إلى تعزيز آلة الحرب الإسرائيلية، بل وتولد أيضًا أرباحًا ضخمة.
وتلعب صناديق الاستثمار الدولية الثلاث الانفة الذكر دوراً رائداً في تغذية شبكة اقتصادية تستفيد بشكل مباشر من التوترات الجيوسياسية والعسكرية ان لم تعمل بنفسها على خلق هذه التوترات.
في حين لا يزال اهلنا في غزة والضفة الغربية يتعرضون لابشع جرائم الحروب التي تقوم بها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، تشهد شركات التصنيع الحربي ومساهميها الرئيسيين زيادة في أرباحهم بفضل مبيعات الأسلحة المتزايدة.
وتتمتع إسرائيل بنفوذ غير متناسب عندما يتعلق الأمر بمبيعات الأسلحة. إنها الدولة رقم 97 من حيث عدد السكان في العالم ولكنها تاسع أكبر مصدر للأسلحة، كما في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فهي في طليعة القيادة العالمية. وتعتبرغزة والاراضي الفلسطينية هما مختبر تجارب الدولة اليهودية . كما كتب الصحفي الحائز على جائزة بوليتزر أنتوني لوفنشتاين، وهو يهودي أسترالي، في كتابه (المختبر الفلسطيني).
ولهذا السبب نتحدث عن المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي الأميركي، لانه يحمل معنى محددًا من حيث القوة العسكرية والمالية والعالمية.
ويقول لوينشتاين: "تبيع العديد من الدول الأسلحة، لكن ما يجعل الصناعة الإسرائيلية فريدة من نوعها هو مزيج الأسلحة وتقنيات المراقبة والأساليب التي تتحد لإنشاء نظام شامل للسيطرة على السكان "الصعبين" وتستند إلى سنوات من الخبرة في فلسطين".
ويستخدم المجمع العسكري الصناعي في إسرائيل ــ وبالتالي الولايات المتحدة أيضا ــ الأراضي الفلسطينية المحتلة كحقل تجارب للأسلحة وتقنيات المراقبة التي يصدرها إلى جميع أنحاء العالم، بدءا بالذكاء الاصطناعي.
لقد تم تسريع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الوحدة 8200، وهي وحدة الاستخبارات النخبوية في إسرائيل، والتي تتكون الآن من 60% من المهندسين وخبراء التكنولوجيا، وهو ضعف عدد علماء الكمبيوتر الذين تم تجنيدهم قبل عقد من الزمان.
ومع ذلك فإن الفلسطينيين يموتون أكثر فأكثر. وبحسب شهادات جنود سابقين ومحللين جمعتها صحيفة واشنطن بوست، فإن الثقة في الذكاء الاصطناعي دفعت الجيش الإسرائيلي إلى تقليص بعض عمليات التفتيش الأمنية، مما أدى إلى زيادة عدد الأهداف التي تعتبرها مشروعة. على الرغم من أن هذه الهجمات تنطوي على مخاطر أكبر لسقوط ضحايا من المدنيين. في عام 2014 كانت نسبة اصابات جانبية اي مدنيين 1 مقابل 1 شخصية رفيعة المستوى الان ارتفعت النسبة الى 1 مقابل 15/20 مدني وربما اكثر من ذلك.
وبطبيعة الحال، فإن كل هذا لا يوقف إسرائيل ونمو جهازها العسكري الصناعي، الذي يتكامل بشكل متزايد مع الجهاز الأميركي.
شركة Wiz الإسرائيلية للأمن السيبراني تحت أنظار جوجل. وكانت المجموعة الكاليفورنية قد حاولت شراء الشركة في الصيف الماضي مقابل 23 مليار دولار، لكنها تلقت رفضا قاطعا. فقرر حينها رفع عرضه، وتمكن في 18 مارس/آذار الماضي من شرائه مقابل 32 مليار دولار وهو أكبر استحواذ في تاريخ شركة جوجل.
ويتساءل الناس في كثير من الأحيان لماذا لا يمارس الأميركيون والأوروبيون ضغوطا ملموسة على نتنياهو للحد من المجازر
