تخطط وزارة الخارجية الأمريكية، إلى إلغاء مكتب منسق الأمن الأمريكي (USSC) في مدينة القدس المحتلة، وهو المكتب المسؤول عن تعزيز التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بحسب ما ذكره مسؤول سابق في إدارة الرئيس دونالد ترامب، ومساعد في الكونغرس، إلى جانب مصدر ثالث مطلع لموقع "تايمز أوف إسرائيل".
وأشار "المسؤول"، إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة واسعة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية الأمريكية، تشمل إغلاق عشرات المكاتب حول العالم، وقد كان موقع "أكسيوس" أول من كشف عن هذا التوجّه.
إبلاغ رسمي بإلغاء المنصب
والجدير بالإشارة أنه تم إبلاغ اللواء مايكل فينزل، المنسق الأمني الحالي لواشنطن في القدس المحتلة، في الأسبوع الماضي، بأن منصبه سيتم إلغاؤه، ومن المرجح أن يتم الإعلان الرسمي عن هذا القرار خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وفقًا لما أكده مساعد في الكونغرس ومصدر مطلع.
ووجه المساعد في الكونغرس، تحذير من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة في الضفة الغربية، لافتًا إلى أن بعثة الأمن الأمريكية لعبت دورًا حاسمًا في دعم وتطوير قوات الأمن الفلسطينية.
كما أكد "مساعد الكونغرس"، على أن هذه الخطوة "ستضر بالأمن الإسرائيلي في نهاية المطاف"، رغم أن القرار لم يصبح نهائيًا حتى الآن، موضحًا أن إلغاء المنصب يندرج في إطار تقليص النفقات وليس بدافع سياسي.
تراجع مؤقت ثم تأكيد
ويجدر الإشارة إلى أن اللواء فينزل قد أبلغ في وقت سابق بالخطة، إلا أنه تلقى لاحقًا إشعارًا بالتراجع عنها، وذلك بعد اجتماعات عقدت في واشنطن، شدد خلالها على ضرورة الحفاظ على المنصب، لكن ذلك التراجع لم يدم طويلًا، حيث لم يصدر المنسق الأمني حتى الآن قائمة نهائية بالمناصب التي ستبقى بعد الانتهاء من إعادة الهيكلة المرتقبة.
خفض رتبة سابق وأثره
وكان هذا المنصب قد تصدر عناوين الأخبار في صيف عام 2022، عندما قررت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تخفيض رتبة المسؤول الأمني في القدس من لواء إلى عقيد كجزء من إجراءات تقليص النفقات.
إلا أنه في النهاية، تراجعت إدارة الرئيس جو بايدن عن هذا القرار لاحقًا، بعد ضغوط مارسها أعضاء بارزون في الكونغرس من كلا الحزبين، من بينهم السيناتور ليندسي غراهام وجون أوسوف.
وفي السياق ذاته، لعب مايك والتز، الذي يشغل حاليًا منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي، دورًا في الدفاع عن الإبقاء على جنرال رفيع المستوى في المنصب، من خلال رسالة دعم قُدمت إلى مجلس النواب، كما ارتبط هذا التوجه بموقف إسرائيل أيضًا، التي حذرت حينها من أن إلغاء المنصب قد يؤدي إلى تقويض الاستقرار الأمني في الضفة الغربية.
غياب التدخل الإسرائيلي هذه المرة
وعلى الرغم من أهمية الموقف الإسرائيلي في السابق، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تتدخل هذه المرة، بل أعربت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن معارضتها لاتخاذ أي خطوة من شأنها أن تفسر كدعم للسلطة الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول فلسطيني إن شحنة ذخيرة مخصصة لقوات الأمن التابعة للسلطة لا تزال عالقة في الأردن منذ عدة أشهر، بسبب رفض وزير الحرب الإسرائيلي إيلي كاتس التوقيع على السماح بمرورها.
أهمية الدور الأمني الأمريكي
وتعتبر مهمة منسق الأمن الأمريكي هي إعادة هيكلة وتطوير قوات الأمن الفلسطينية، علاوة على توطيد التنسيق مع إسرائيل، الذي لطالما اعتبره الجيش الإسرائيلي عاملًا محوريًا في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
ويعتقد داعمو الإبقاء على هذا المنصب أن من يشغله يتمتع بإمكانية الوصول المباشر إلى كبار المسؤولين في تل أبيب ورام الله، وهو أمر لن يكون ممكنًا لو شغل المنصب ضابط أقل رتبة.
ويشار إلى أن لعب المنسق الأمني دورًا محوريًا في اللحظات الحرجة من العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، فعلى سبيل المثال، عندما قطعت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل خلال أزمة الحرم القدسي عام 2017، كان المنسق الأمريكي هو القناة الوحيدة التي أمكن من خلالها للطرفين التواصل لتجنّب التصعيد.
كما يعمل "المنسق الأمني" على تسهيل نقل الأسلحة التي تحتاجها قوات الأمن الفلسطينية، ويشكل وجوده عامل اطمئنان للمراقبين الإسرائيليين، الذين غالبًا ما تكون موافقتهم الضمنية ضرورية لإتمام مثل هذه العمليات.
دور حاسم بعد الحرب
وبحسب ما ذكره مسؤول سابق في إدارة بايدن لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، فقد كانت هناك خطط لأن يؤدي المنسق الأمني دورًا رئيسيًا في تأهيل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لتكون بديلًا لحركة حماس في تأمين قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وبدوره، أكد السيناتور جون أوسوف، إن "منسق الأمن يلعب دورًا جوهريًا في حماية المصالح الأمريكية وتعزيز الاستقرار في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، في وقت تتصاعد فيه الأزمات والصراعات"، محذرًا من أن "إلغاء هذا المنصب سيكون قرارًا خاطئًا للغاية وذا تبعات خطيرة"، مطالبًا الوزير ماركو روبيو إلى رفض أي مقترح بهذا الشأن.