فلسطين حرة في احتفال عيد العمال

بقلم بسام صالح

اصبح تقليدا ينتظره الجميع ان تحي كنفدرالية النقابات العمالية في ايطاليا ذكرى الاول من ايار باقامة مهرجان موسيقي يقدم فيه العديد من مشاهير المطربين والمغنيين وفرق موسيقة احدث ما قاموا به من اعمال موسيقية غنائية، ويستمر المهرجان زهاء عشر ساعات دون توقف ويتم نقل المهرجان من خلال البث المباشر عبر القناة الاولى في التلفزيون الايطالي، ويقام المهرجان الرئيسي في العاصمة روما وفي اكبر ساحاتها. كلمات الامناء العامين للنقابات  هي الخطابات الوحيدة المسموح بها خلال فقرات المهرجان الاولى بعدها يترك المسرح فقط للموسيقى بمختلف انواعها. 
امتاز مهرجان هذا العام بفرقة "باتاجاري" التي فاجأت الجميع وادخلت بعضا من السعادة لقلوب محبي فلسطين والذين لم يكن لهم ليتخيلوا ان يرتفع اسم فلسطين من قلب المهرجان ليتردد في كل بيت ايطالي صوت المغني وهو يغني فلسطين حرة ويكررها المرة تلو الاخرى، ويهتف معه جمهور الحاضرين والذي يقدر بعشرات الالاف، وبحرارة وعنف المرارة لما يعانيه الشعب الفلسطيني ليعطيه الامل بان فلسطين ليست وحدها. 
وكما هو متوقع رئيس الجالية اليهودية في روما  في اليوم التالي وصف اداء الفرقة بانه "مروع" ، مضيفا انهم لم يطالبوا بالافراج عن الرهائن الاسرائيليين. وبنفس اليوم جاء رد فرقة "باتاجاري" واضحا ولا يترك مجالا لاي التباس :
 "إلى أولئك الذين وصفوا أداءنا أمس بأنه "مروع"، نرد بأن المروع بالنسبة لنا هو عالم يُقتل فيه آلاف الأطفال، وتُقصف فيه المستشفيات، ويُباد فيه المدنيون.
عالم يتهم فيه أولئك الذين يدعون إلى السلام بخلق الانقسامات وتوليد الكراهية المعادية للسامية.
نحن بشر لا نستطيع أن نبقى صامتين في مواجهة الموت والدمار، موسيقيون تعلمنا من الموسيقى أن نبحث عما يوحد وليس عما يفرق، لنصنع كلاً مكوناً من التنوع.
الأغنية؟ تشكل جزءًا من انتاجنا الفني منذ فترة طويلة لأننا لم نكن أبدًا ضد شعب أو آخر.
لكننا شعرنا بالحاجة إلى إزالة النص الأصلي، الذي يتحدث عن فرحة التواجد معًا، للتأكيد على أن هذا الفرح لم يعد موجودًا في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًا. أردنا أن نشهد على قصص المدنيين، أي أولئك الذين يدفعون الثمن الأعلى أثناء الحروب، لأنهم ضحايا أبرياء.
وتؤكد كافة التقارير الدولية أن الثمن الذي يدفعه الشعب الفلسطيني من قتلى وجرحى ومصابين غير مقبول. لقد قمنا فقط بتكرار البيانات الموضوعية.
دعونا نتفق على الكلمات الصحيحة التي نطلب بها أن يتوقف قتل الأطفال ، وأن يتوقف قصف المستشفيات، من دون أن نتهم بالدعوة إلى تدمير الشعب الإسرائيلي، ومن دون الوقوع في فخ الخطاب المعادي للسامية، الذي يتهم من خلال مغالطة لا تطاق، بينما يستمر الناس في الموت".
هذه ليست المرة الاولى فقد سبقها قبل ايام قليلة ان بثت القناة 3 مساء يوم الاحد ضمن برنامج اسبوعي Presadiretta تحقيقا شاملا عما يجري في قطاع غزة، بمشاركة صحفية وصحفي فلسطيني من جنوب وشمال غزة قاما بتصوير مشاهد الدمار وعودة النازحين واجراء بعض المقابلات ، التحقيق الصحفي كان واقعيا ويمثل حقيقة لما يجري ولاقى ترحيبا وقبولا من المشاهدين. في اليوم التالي الجالية اليهودية قدمت شكوى رسمية لهيئة الرقابة البرلمانية مع تهمة جاهزة لمقدم البرنامج بانه معاد للسامية، فقط لانه لم يتحدث عما حدث في السابع من اكتوبر ولم يطالب بتحرير الرهائن. 
الامثلة كثيرة، ولكن ما يهمنا ذكره هنا، ان الاعلام الرسمي الايطالي والذي لم يكن موضوعيا في نقله لمجريات الاحداث بل منحازا للكيان، اليوم يظهر نوعا من الموضوعية في تناوله للانباء الواردة عن المجازر وحرب الابادة التي يتعرض لها شعبنا، وان بداية هذا التحول هي نتيجة طبيعية لصبر وصمود شعبنا امام بشاعة الاجرام والتوحش الذي يمارس بحقه تحت سمع ونظر العالم . وهذا التحول هو ايضا احد نتائج عمل الجاليات والتجمعات الفلسطينية و الحركة التضامنية التي لم تتوقف في جميع مدن ايطاليا. وحتى احزاب المعارضة التي بقيت مترددة في ادانتها قدمت استجوابا للحكومة واقتراح في البرلمان طالبت فيه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعم ذلك في دول الاتحاد الاوروبي، كما طالبوا بتعليق اتفاقية الشراكة مع اسرائيل، وعدم تزويدها بالاسلحة، وقبل ايام قام وفد من هذه الاحزاب بزيارة فلسطين واطلع على ما تتعرض له الضفة الغربية ومخيماتها من عدوان متواصل.  
لقد اصبحت فلسطين قضية الاحرار في عالم الثابت فيه هو المتغير . والحتمية التاريخية ان الشعوب المناضلة هي المنتصرة.

البوابة 24