في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة، تعمق الانقسام داخل الأوساط السياسية والمجتمعية في إسرائيل حول دوافع حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لتوسيع العمليات العسكرية.
وأطلق على هذا التوسع، الذي جاء ضمن خطة عسكرية جديدة اسم "مراكب جدعون"، وأثار جدلاً واسعًا بين من يراه مدفوعًا بمصالح سياسية شخصية، ومن يعتبره ضروريًا لتحقيق أهداف أمنية وعسكرية.
اقرأ أيضًا:
- سيناريو خطير.. جيش الاحتلال يحذر من هذا الأمر حال تصعيد الهجوم على غزة
- إسرائيل تخطط لاستغلال زيارة ترامب.. هل ستكون نقطة تحول في غزة؟
دوافع سياسية
وكشفت القناة الإسرائيلية الـ13 عن نتائج استطلاع للرأي أظهر أن 53% من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو يوسع الحرب على غزة بدوافع سياسية بحتة، وليس استنادًا إلى مبررات مهنية أو أمنية كما تدعي الحكومة.
ويأتي هذا الرأي بالتزامن مع تعالي أصوات داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية تحذر من المخاطر التي قد يتعرض لها المحتجزون الإسرائيليون داخل القطاع جراء هذه العمليات، وهو ما يتفق معه 57% من المشاركين في الاستطلاع، حيث أعربوا عن خشيتهم من أن يؤدي توسيع العدوان إلى تعريض حياة الرهائن للخطر المباشر.
وفي المقابل، رأى 35% فقط من الإسرائيليين أن القرارات العسكرية التي اتخذها نتنياهو تستند إلى اعتبارات عملياتية ومهنية، بينما عبر جزء آخر عن أملهم بأن تساهم هذه العمليات في تقريب موعد استعادة الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، رغم تضارب المعلومات حول مصيرهم وعددهم الحقيقي.
خطة مراكب جدعون
وكان "الكابينيت" الإسرائيلي قد صدق في وقت سابق على خطة "مراكب جدعون"، التي تتضمن تنفيذ هجمات جوية مكثفة في مناطق مختلفة من القطاع، إلى جانب إخلاء السكان الفلسطينيين من مناطق معينة بحجة تأمينهم من العمليات العسكرية.
ومع ذلك، ترى جهات أمنية إسرائيلية أن هذا الإجراء يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة، وقد يؤدي إلى مزيد من الضغوط الدولية على تل أبيب خصوصًا في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو تهدئة.
في السياق نفسه، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في خطاب له يوم الأحد الماضي، أن العدوان على غزة لن يتوقف إلا بتحقيق "النصر الكامل" على حركة حماس، رافضًا كل الدعوات التي تطالب بوقف إطلاق النار أو العودة إلى طاولة المفاوضات.
وأثار هذا الإصرار على الخيار العسكري تساؤلات حول ما إذا كان نتنياهو يستخدم الحرب وسيلة للهروب من أزماته الداخلية، خاصة في ظل تراجع شعبيته.
أزمة حقيقية
وفي استطلاع منفصل أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، تبين أن 58% من الإسرائيليين لا يثقون برئيس الحكومة أو يثقون به بدرجة ضئيلة للغاية، مقابل 36% فقط عبروا عن ثقتهم به، ما يعكس أزمة قيادة حقيقية داخل الدولة العبرية، ويفتح الباب أمام جدل واسع حول مدى قدرة نتنياهو على إدارة هذه الحرب والخروج منها بتحقيق أهداف واضحة دون الدخول في مستنقع طويل الأمد.
وتظهر هذه المعطيات أن الشارع الإسرائيلي منقسم بشدة، ليس فقط بشأن الحرب على غزة، بل أيضًا حول مصير قيادته السياسية، وبينما تستمر العمليات العسكرية في القطاع، يزداد القلق داخليًا من أن تكون هذه الحرب أداة سياسية أكثر منها خطة أمنية متكاملة، الأمر الذي يضع مستقبل الحكومة الإسرائيلية ومصير الرهائن على المحك في آن واحد.