نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، شهادة صادمة نشرتها، حيث كشف جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي، عن ما وصفه بـ"الفظائع المروعة" التي ترتكب بحق معتقلين مدنيين من قطاع غزة داخل معسكر "سدي تيمان" سيء الصيت، الواقع في جنوب إسرائيل، حيث توفي بعض المعتقلين تحت وطأة التعذيب، وخضع آخرون لعمليات جراحية دون أي تخدير طبي.
موقع للموت والتعذيب
وأكد "الجندي الإسرائيلي، الذي لم يكشف عن هويته، أن المعسكر تحول خلال حرب الإبادة الجارية في غزة إلى "موقع للموت والتعذيب"، حيث تمارس داخله انتهاكات مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين المحتجزين، بعضهم توفي أمام أعين الجنود في ظروف صحية مأساوية، دون أن يلقوا أي رعاية طبية.
وأشار "الجندي الإسرائيلي"، إلى أن أغلب من تعرضوا لهذه الانتهاكات ليسوا مقاتلين في صفوف حركة حماس، بل مدنيون تم توقيفهم للتحقيق، ومن ثم أفرج عن عدد منهم بعد أن ثبتت براءتهم وعدم تورطهم في أي أنشطة ضد الجيش الإسرائيلي.
"تعذيب حتى للمبرّأين"
وعلى الرغم من أن التحقيقات أثبتت براءة بعض المعتقلين، إلا أنهم، تعرضوا لتعذيب وحشي لا يفرّق بين بريء أو متهم، وقال "الجندي": "رأيت معتقلاً يموت أمامي، وآخرين أُجبروا على التبول والتغوط على أنفسهم، كما تركوا دون طعام أو علاج"، مضيفاً أن بعضهم خضع لعمليات جراحية دون استخدام أي نوع من التخدير.
صمت إعلامي وغطاء رسمي
وفي السياق ذاته، شدد "الجندي"، على أن ما يحدث في "سدي تيمان" ليس حادثاً فردياً أو استثنائياً، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تتم بعلم قادة الجيش وبتواطؤ وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تمتلك المعلومات الكاملة لكنها تتعمد الصمت أو اختزال الجرائم ضمن روايات فردية سطحية لتجنب الاعتراف بوجود انتهاكات مؤسسية.
وأضاف "الجندي": "ما عرضته القناة 13 في برنامجها الاستقصائي الأخير لم يكن سوى محاولة لإخفاء الحقيقة، حيث اختزلت ما يجري في حادثة فردية، متجاهلة السياق الكامل لمعسكر يستخدم بشكل يومي لتعذيب المعتقلين".
"سدي تيمان".. تاريخ أسود متجدد
والجدير بالإشارة أن معسكر "سدي تيمان" يعتبر من المنشآت العسكرية ذات السمعة السيئة، وقد أنشئ في صحراء النقب جنوبي إسرائيل في أعقاب عملية "جناح النسر" التي نقل خلالها آلاف اليهود من اليمن إلى فلسطين في نهاية أربعينيات القرن الماضي.
علاوة على أن الجيش الإسرائيلي قد استخدم هذا المعسكر في حربي 2008 و2014 كمعسكر اعتقال للفلسطينيين، وعاد لاستخدامه مجدداً بعد اندلاع حرب الإبادة الحالية ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، حيث احتجز فيه مئات الفلسطينيين تحت تصنيف "مقاتلين غير شرعيين"، بحسب السلطات الإسرائيلية.
كما كشفت تقارير حقوقية وإعلامية عن اعتداءات جسدية وجنسية طالت هؤلاء الأسرى، فضلًا عن انتهاكات إنسانية جسيمة، دون أن يتم التحقيق أو محاسبة المتورطين، باستثناء جندي واحد فقط حُكم عليه في فبراير الماضي بالسجن سبعة أشهر بتهمة تعذيب أسرى.
والجدير بالذكر أنه في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي بدءاً من 19 يناير، أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين من غزة بحالة صحية متدهورة، مقابل إطلاق المقاومة لعدد من الأسرى الإسرائيليين. لكن إسرائيل تنصلت من الاتفاق في 18 مارس واستأنفت حربها، التي خلفت منذ 7 أكتوبر أكثر من 172 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة لأكثر من 11 ألف مفقود.