ضغوط أمريكية غير مسبوقة تكبح التصعيد الإسرائيلي في غزة.. ما مصير عربات جدعون؟

الحرب في غزة
الحرب في غزة

في ضوء الإفراج عن الرهينة الإسرائيلي عيدان ألكساندر، بدأت المؤشرات تتصاعد بشأن تضاؤل فرص إسرائيل في توسيع عملياتها العسكرية داخل قطاع غزة، وسط ضغوط أمريكية غير مسبوقة لدفع تل أبيب نحو استئناف التفاوض مع حركة حماس والتخلي - مؤقتًا على الأقل - عن خيار التصعيد الميداني.

اقرأ أيضًا:

وبحسب ما أفاد به خبراء ومحللون، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين الولايات المتحدة وحركة حماس، والذي أسفر عن إطلاق سراح ألكساندر، لعب دورًا محوريًا في إعادة ترتيب الأولويات السياسية والأمنية للحكومة الإسرائيلية، التي سارعت بعد الإفراج إلى إرسال وفدها للمفاوضات غير المباشرة مع حماس، في إشارة واضحة إلى وجود استعداد إسرائيلي مبدئي للعودة إلى الطاولة، وبحث فرص التوصل إلى اتفاق أشمل لتبادل الرهائن والأسرى، ووقف إطلاق النار.

خطة مجمدة

قبل إطلاق سراح ألكساندر، كانت إسرائيل قد بدأت بالفعل في التحضيرات الميدانية لعملية عسكرية جديدة أطلقت عليها اسم "عربات جدعون"، والتي أعلنت أن هدفها الأساسي يتمثل في "القضاء على حماس واستعادة كافة الرهائن". 

كانت هذه العملية بمثابة امتداد لحملة عسكرية طويلة الأمد، غير أن التطورات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها التدخل الأمريكي المباشر، جعلت من تلك الخطة موضع مراجعة وربما تأجيل أو حتى إلغاء.

وأكد الخبير في الشؤون الإقليمية، رفيق أبو هاني، أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا غير مسبوقة على الحكومة الإسرائيلية لإجبارها على التوصل إلى اتفاق جزئي مع حركة حماس. 

وقال إن "هذه الضغوط تأتي في سياق مقترح أمريكي معدل يراعي بعضًا من مطالب حماس، مقارنة بالمقترح السابق الذي قدّمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف".

وأوضح أبو هاني أن المقترح الجديد ينطوي على تقليص عدد الرهائن الذين سيتم الإفراج عنهم في المرحلة الأولى، مقابل تمديد فترة وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن "الضغط الأمريكي هو العامل الأساسي في دفع إسرائيل نحو تأجيل العملية العسكرية، كما أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد يُجبر على إلغائها نهائيًا إذا تم التوصل إلى اتفاق يرضي الإدارة الأمريكية، ويؤدي إلى الإفراج عن عدد أكبر من الرهائن".

أهداف أمريكية استراتيجية

وبحسب أبو هاني، فإن الولايات المتحدة تتطلع إلى وضع حد للحرب في غزة في أقرب وقت ممكن، تمهيدًا لتنفيذ سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية التي يُخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوقيعها خلال زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط. 

وتابع بالقول: "استمرار الحرب يعطل هذه الخطط الأمريكية، ويشكل عقبة كبيرة أمام إعادة رسم التوازنات الإقليمية، ولذلك فإن واشنطن تمارس نفوذها للضغط على إسرائيل من أجل التهدئة".

التكلفة الميدانية

من جانبه، أشار الخبير في الشؤون العسكرية أحمد عبد الرحمن إلى أن إسرائيل كانت تدرك منذ البداية أن العملية العسكرية الجديدة "عربات جدعون" لن تحقق أهدافًا نوعية تضاف إلى سجلها في الحرب الجارية على غزة. 

وقال عبد الرحمن: "العملية كانت ستؤدي إلى استنزاف الجيش الإسرائيلي بشكل كبير، دون تحقيق مكاسب فعلية، باستثناء محاولة نتنياهو توظيفها سياسيًا للحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي".

وأضاف أن "تضاؤل فرص التصعيد ناتج عن عدة عوامل متداخلة، أبرزها الضغوط الأمريكية المستمرة، بالإضافة إلى الخلافات السياسية والعسكرية داخل إسرائيل نفسها، والتي قد تدفع نتنياهو إلى تأجيل العملية بحثًا عن تسوية سياسية تضمن بقاءه في منصب رئاسة الحكومة".

وأشار عبد الرحمن إلى أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط بكثافة على كافة المستويات، خاصة المستوى العسكري، بهدف ضمان التوصل إلى اتفاق جديد بين إسرائيل وحماس من شأنه وقف الحرب وقطع الطريق أمام استئناف القتال.

تحذيرات من العزلة الإقليمية والدولية

وفي ختام تصريحاته، أكد عبد الرحمن أن استمرار إسرائيل في تجاهل الضغوط الدولية قد يؤدي إلى عزلتها في ملفات استراتيجية أخرى، إذ ستكون، بحسب تعبيره، "منفردة في مواجهة هجمات الحوثيين، كما سيتم استثناؤها من مسار المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في حال أصرّت على مواصلة القتال في غزة". 

وأضاف: "حكومة نتنياهو تدرك خطورة هذا المسار، ولذلك فهي في موقف لا تحسد عليه، بين خيار التصعيد الذي قد يقوّض مكانتها الدولية، وخيار التهدئة الذي قد يضعف تماسكها الداخلي".

إرم نيوز