في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة، يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، مشاورات أمنية موسعة تتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار، بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية في خبر عاجل أوردته قناة "القاهرة الإخبارية".
وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه الساحة الإسرائيلية انقسامات حادة وتوترات متزايدة، سواء داخل الحكومة أو في صفوف الجيش، خصوصًا في ما يتعلق باستراتيجية الحرب على غزة والمآلات المحتملة للملف التفاوضي، الذي تحاول أطراف إقليمية ودولية إنعاشه في ظل المأساة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
اقرأ أيضًا:
- خطة أميركية شاملة لإنهاء الحرب في غزة وتهديد شديد اللهجة لـ نتنياهو.. هل اقتربت النهاية؟
- تحرك عاجل من نتنياهو بعد محادثات مع المبعوث الأمريكي.. ما هي الخطوة التالية؟
إسرائيل متمسكة بخطة "ويتكوف"
وعلى الرغم من الأنباء المتكررة عن اقتراب توقيع اتفاق هدنة أو صفقة تبادل أسرى، فإن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي شدد مجددًا على أن الحكومة لا تزال متمسكة بخطة "ويتكوف" الأمنية والعسكرية، والتي تمثل خارطة الطريق الأساسية لإدارة الحرب على غزة، سياسيًا وميدانيًا.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن مكتب نتنياهو، فإن إسرائيل مستعدة لمناقشة شروط إنهاء الحرب فقط ضمن إطار هذه الخطة، ولكن بشرط واضح لا يقبل التفاوض، وهو: تحقيق الأهداف التي حددها المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، والتي تشمل ما تسميه إسرائيل بـ"تفكيك بنية حماس العسكرية" وضمان عدم عودة الحركة إلى حكم القطاع.
يأتي هذا التمسك الإسرائيلي المتشدد في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، التي تخشى من انفجار الأوضاع الإنسانية أكثر، وانهيار فرص أي تهدئة دائمة في حال استمرت إسرائيل في اعتماد الحل العسكري فقط.
تمرد في صفوف الاحتياط
في موازاة التطورات السياسية، تشهد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أزمة داخلية غير مسبوقة، تجلت في رفض مئات من جنود الاحتياط المشاركة في العمليات العسكرية بغزة، اعتراضًا على استمرار الحرب وما يرونه من فشل سياسي وعسكري في إدارتها.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن أكثر من 300 جندي من جنود الاحتياط أعلنوا بشكل صريح رفضهم العودة للقتال، معتبرين أن مواصلة الحرب لا تخدم المصالح الإسرائيلية، بل على العكس، تشكل خطرًا وجوديًا على الرهائن المحتجزين لدى حماس في القطاع.
وجاء في بيان غير رسمي تداوله عدد من الجنود الرافضين للقتال: "الاستمرار في العمليات العسكرية دون أفق سياسي واضح هو بمثابة الحكم بالإعدام على الأسرى، الحكومة لا تسعى لتحريرهم بل تستخدمهم كورقة تفاوض فقط."
هذا الرفض العلني من داخل صفوف الجيش يشكل ضربة معنوية وأمنية موجعة للحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل تزايد الانتقادات من العائلات الإسرائيلية التي تطالب بإبرام صفقة تبادل فورية مع حماس، حتى لو تطلب ذلك وقف إطلاق النار وسحب القوات من بعض مناطق غزة.
مشهد داخلي مأزوم
ويعكس المشهد الإسرائيلي اليوم أزمة متعددة الأبعاد: على المستوى السياسي، يواجه نتنياهو انقسامات حادة داخل حكومته، بين من يدفع نحو اتفاق هدنة ومن يصر على الحسم العسكري، لا سيما من وزراء التيار اليميني المتطرف الذين يهددون بإسقاط الحكومة إذا تم إبرام أي صفقة تعتبر "تنازلًا" لحماس.
أما على المستوى العسكري، فالوضع لا يقل تأزمًا، فمع دخول الحرب شهرها الثامن، يبدو واضحًا أن قدرة الجيش على الحفاظ على وتيرة العمليات تتراجع، ليس فقط بفعل الإنهاك الميداني، ولكن أيضًا بسبب تآكل الروح المعنوية وتنامي مظاهر العصيان داخل صفوف الاحتياط.
وعلى المستوى الشعبي، تسود حالة من السخط المتزايد تجاه أداء الحكومة، سواء بسبب الكلفة البشرية للحرب، أو لعجزها عن إنقاذ المحتجزين، أو حتى بسبب استمرار الأوضاع الاقتصادية في التدهور بسبب تكاليف الحرب الممتدة.