غزة/ البوابة 24- رائد كحيل:
تسببت الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من سبعة أشهر في انهيار شبه كامل لقطاع الهواتف المحمولة، في ظل توقف كامل لواردات الأجهزة وقطع الغيار، وتدمير عدد من محال الصيانة، إلى جانب انهيار القدرة الشرائية لمعظم المواطنين.
قطع الغيار مفقودة والأسعار تتصاعد بشكل غير مسبوق
منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، توقفت واردات قطع غيار الهواتف المحمولة تمامًا إلى قطاع غزة، ما أدى إلى نفاد المخزون الموجود في الأسواق المحلية بشكل سريع. هذا النقص الحاد تسبب في ارتفاع جنوني بأسعار قطع الغيار التي كانت في السابق في متناول يد أغلب المستخدمين.
فعلى سبيل المثال، كانت شاشة هاتف سامسونغ A12 تُباع قبل الحرب بسعر يتراوح بين 80 إلى 100 شيكل، أما اليوم فقد ارتفع سعرها بشكل كبير ليصل إلى ما بين 1000 و1200 شيكل، أي ما يقرب من أربعة أضعاف السعر السابق. وبالمثل، شاشة آيفون XR التي كانت تباع بين 150 و180 شيكل، وصل سعرها الحالي إلى ما يقارب 1500 إلى 1600 شيكل.
وبالنسبة لقطع أصغر مثل بطارية آيفون 7، فقد قفز سعرها من 60–75 شيكل قبل الحرب إلى 800–1000 شيكل الآن، في حين أن كابلات الشحن الأصلية ارتفعت من 20–25 شيكل إلى 100–120 شيكل، وكفرات الحماية البسيطة من 15–20 شيكل إلى ما بين 60 و80 شيكل. حتى السماعات السلكية البسيطة شهدت ارتفاعًا من 10–15 شيكل إلى حوالي 40–50 شيكل.
هذا التضخم الحاد في الأسعار يعكس الواقع المرير الذي يعيشه قطاع غزة، حيث أصبح الحصول على أي قطعة غيار أمراً نادراً، وغالبًا ما يضطر الفنيون إلى تفكيك أجهزة تالفة للحصول على قطع يمكن إعادة استخدامها في التصليح، في ظل غياب أي بدائل أخرى.
المواطنون يتجنبون الإصلاح
في ظل الوضع الاقتصادي الكارثي وانعدام الدخل لمعظم العائلات، بات كثير من المواطنين يضطرون للاستغناء عن إصلاح هواتفهم المعطلة أو استخدام أجهزة قديمة تالفة جزئيًا. الهاتف المحمول، الذي كان أداة يومية عادية، بات اليوم وسيلة ضرورية للنجاة والتواصل في ظل العزلة وانقطاع الكهرباء.
تقول مريم، نازحة من شمال القطاع: "هاتفي تعطل وما قدرت أصلحه. الفني طلب 400 شيكل لتغيير الشاشة، وأنا مش قادرة أوفر حق الأكل لأولادي."
فقدان الرقابة واستغلال الحاجة
تُباع القطع المحدودة المتوفرة بأسعار متضاربة، في ظل غياب الرقابة أو التنظيم، ما فتح المجال أمام استغلال حاجة الناس. كما تنتشر في السوق قطع غيار مستعملة أو مقلدة بأسعار مرتفعة، مما يزيد من مشاكل الأجهزة بدلاً من إصلاحها.
يقول أحد الفنيين في حي الرمال، فضّل عدم ذكر اسمه: "أحيانًا بنشتري القطعة من زبون عنده جهاز تالف، وبنعيد استخدامها. السوق مش بس غالي، صار معدوم."
الهاتف المحمول في زمن الحرب
في ظل انقطاع الاتصالات الأرضية، وانهيار أجزاء من شبكات الإنترنت والكهرباء، أصبحت الهواتف المحمولة وسيلة لا غنى عنها لتوثيق الانتهاكات، والتواصل مع فرق الإسعاف والإغاثة، والاتصال بالأقارب في الخارج. ومع ذلك، فإن القدرة على إصلاح هذه الأجهزة باتت ترفًا لا يملكه معظم السكان.
وسط كل هذا الخراب، تظل الأجهزة المحمولة شاهدة على الحرب، ووسيلة للنجاة، لكنها أيضًا ضحية أخرى في قائمة طويلة من الخسائر التي يعيشها الفلسطينيون في غزة يومًا بعد يوم.