اعترف عدد من الجنود الإسرائيليين، بأن قادة في الجيش أصدروا أوامر باستخدام فلسطينيين كدروع بشرية، مؤكدين أن القوات الإسرائيلية تجبر الفلسطينيين بشكل منهجي على العمل كدروع بشرية في قطاع غزة، حيث ترسلهم إلى المباني والأنفاق بحثًا عن متفجرات أو مسلحين.
استخدام فلسطينيين دروعاً
وفقًا لما نقلته وكالة "أسوشييتد برس"، شدد الجنود على أن هذه الممارسة الخطيرة أصبحت شائعة خلال الحرب المستمرة منذ نحو 20 شهرًا.
كما تحدث جنديان إسرائيليان إلى "أسوشييتد برس"، وثالث قدم شهادته لمنظمة "كسر الصمت"، إن القادة العسكريين كانوا على دراية باستخدام الفلسطينيين دروعًا بشرية، وتسامحوا مع ذلك، بل أصدر بعضهم أوامر بذلك.
ولفت البعض إلى أن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية كان يشار إليه باسم "بروتوكول الباعوض"، كما كان يطلق على الفلسطينيين أسماء مثل "الدبابير" وغيرها من المصطلحات.
من جهته، أوضح ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام، أن الأوامر غالبًا ما كانت تأتي من المستويات العليا، وفي بعض الأحيان كان كل فصيل عسكري تقريبًا يستخدم فلسطينيًا لتطهير المواقع، وفقًا لما قاله.
ومن جانبه، أشار ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة "كسر الصمت"، التي جمعت شهادات حول هذه الممارسة من داخل الجيش، إلى أن هذه ليست حوادث معزولة، بل تشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مروع.
شهادات عن الواقعة
كما تحدث سبعة فلسطينيين، عن تجاربهم في استخدامهم كدروع بشرية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وتحدث الشاب الفلسطيني أيمن أبو حمدان (36 عامًا)، لوكالة "أسوشييتد برس" بأنه أُجبر، مرتديًا زياً عسكريًا وكاميرا مثبتة على جبهته، عن دخوله للمنازل في غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين، وأنه كان ينقل من منزل إلى آخر وفقًا لحاجة القوات الإسرائيلية.
وصف "أبو حمدان"، فترة احتجازه التي استمرت أسبوعين ونصف الصيف الماضي لدى الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، قائلاً: "ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر، افعل هذا وإلا قتلناك"ن موضحًا أنه اعتقل في أغسطس الماضي بعد فصله عن عائلته، وأبلغه الجنود أنه سيشارك في "مهمة خاصة".
ولفت "أبو حمدان"، إلى أنه أجبر لمدة 17 يومًا على تفتيش المنازل وحفر كل حفرة بحثا عن أنفاق، بينما كان الجنود يقفون خلفه، وعندما تتضح الأمور، يدخل الجنود المباني لتدميرها أو تخريبها.
كما كشف "أبو حمدان"، أن المرات الوحيدة التي لم يكن فيها مقيدًا أو معصوب العينين كانت عندما استخدم كدرع بشري، مضيفًا أنه كان يقضي كل ليلة مقيدًا في غرفة مظلمة ليستيقظ ويجبر على تكرار العملية.
وبدوره، أفاد الشاب الفلسطيني مسعود أبو سعيد (36 عامًا)، بأنه أجبر على العمل كدرع بشري لمدة أسبوعين في مارس 2024 في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ونقل عنه قوله لجندي إسرائيلي في ذلك الوقت: "هذا أمر بالغ الخطورة، ولدي أطفال وأريد العودة إليهم".
وأكد "أبو سعيد"، أنه أجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى للبحث عن أنفاق مشتبه بها وتطهير المناطق، وكان يرتدي سترة إسعافات أولية لسهولة التعرف عليه، ويحمل هاتفًا ومطرقة وقواطع سلاسل.
كما أشار "أبو سعيد"، إلى أنه التقى بأخيه خلال إحدى العمليات، والذي استخدمته وحدة إسرائيلية أخرى كدرع بشري، وتعانقا، وقال: "ظننت أن جيش إسرائيل قد أعدمه".
وفي السياق ذاته، تحدثت قالت الفلسطينية هزار إستيتي، عن تجربتها في استخدام الجنود الإسرائيليين لها كدرع بشري، إنها أخذت من مخيم جنين للاجئين في نوفمبر الماضي، وأجبرت على تصوير عدة شقق وتطهيرها قبل دخول القوات، مؤكدة أنها توسلت للعودة إلى ابنها البالغ من العمر 21 شهرًا، لكن الجنود لم يستجيبوا، قائلة: "كنت خائفة جدًا من أن يقتلوني، وأن لا أرى ابني مرة أخرى".
كما أمد شهود فلسطينيون آخرون، أنهم استخدموا كدروع بشرية في الضفة الغربية.
إسرائيل تنفي
في المقابل، أدعى الجيش الإسرائيلي، أنه يحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية، ردًا على هذه التصريحات التي نقلتها وكالة "أسوشييتد برس"، لافتًا إلى أنه يحظر أيضًا إجبار المدنيين على المشاركة في العمليات، وأن هذه الأوامر تُشدّد عليها بشكل روتيني للقوات.
والجدير بالذكر أنه منذ مارس الماضي، استأنفت إسرائيل الحرب على قطاع غزة المدمر، مطلقة مرحلة جديدة من عمليات التوغل بهدف الضغط على حركة حماس ودفعها إلى تقديم تنازلات خلال مفاوضات متعثرة، فضلًا عن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وكشف مسؤولون إسرائيليون، أن الخطة تتضمن السيطرة على أغلب المناطق في غزة وعدم الانسحاب منها.