عريف الصف ليس قائدا!

عريف الصف ليس قائدا!

محمد قاروط أبو رحمه

لكل صف مدرسي عريف. وعريف الصف يختاره أستاذ الصف ومهمته ضبط التلاميذ ما بين الحصص وتجهيز الطلبة للحصة.

وغالبا يقوم عريف الصف بأخذ الحضور والغياب، وضبط الصف قبل وصول الأستاذ إلى الحصة، والطلب من التلاميذ أن يقفوا احتراما للأستاذ.

اختيار عريف الصف يتم من قبل مربي الصف او مرشد الصف او موجهه بشكل منفرد دون مشاورة التلاميذ.

وعريف الصف يكون غالبا اكبر المشاغبين والفوضويين ويتم اختياره لان لديه القدرة على التنمر والاستئساد على زملائه.

يختار الأستاذ عريف الصف ليكون عينه في الصف ويستخدمه في مصلحته.

ولعريف الصف منزلة بين أهله، وتتفاخر الأمهات بان ابنها او ابنتها عريفة صفها.

كانت الأمهات تتفاخر بان ابنها عريف صفه.

غالبا هكذا يتم اختيار عريف الصف.

وينظر إلى مهمة عريف الصف على أنها مبعث للفخر ومصدر هام لفرض الهيمنة والسيطرة، لان العريف يقف أمام صفه كاملا يتحكم حتى في عدد الأنفاس التي تخرج من زملائه، ويحصي كل همسة ولمزه وإشارة وإيماءة.

باختصار عريف الصف متنمر على زملائه، تحت حماية نظام المدرسة ممثلة بالأساتذة.

وغالبا يكون لكل صف عريفا ظاهرا وعريفا سريا، وغالبا يعرف التلاميذ ذلك، فتراهم يعيشون بين عريف ظاهر متنمر مستأسد وعريف سري يعد عليهم وعلى العريف الظاهر رمش عيونهم وحركات حواجبهم.

في هذه الطريقة لاختيار عريف الصف الظاهر والسري، يتعلم الطلبة الديكتاتورية، والباطنية، والفردية، والتملق، والخوف والقلق، واستخدام السلطة بشكل تعسفي، ويتعلم الطلبة السكوت عن الحق، وطمس شخصياتهم.

وعرافة الصف تنتقل مع التلاميذ إلى الحياة، وتراهم يوميا منتشرين في كل مكان، يمارسون عرافة الصف في الوزارات والأحزاب وحتى العمل السياسي، تراهم حيثما وليت وجهك، في الإعلام يطبلون لأستاذهم الذي أصبح يسمونه عمهم او المعلم، يمارسون عرافة الصف إرضاء لعمهم وملء جيوبهم المخروقة.

كان همهم وهم عرفاء صغار إرضاء الأستاذ ولا زال نفس الهم يشغلهم.

ينطبق ذلك على بعض الوزراء وعلماء الدين وخطباء المنابر، الذين يفصلون الدين على مقاس أعمامهم، يرفعون الوضيع ويهللون لمن لا يستحق، ويتطاولون على كل ذي حق.

عريف الصف تطور حتى أصبح يشمل دولا كنا نظنها مستقلة، وإذا بزعيمها عريف صف لدى القوى الكبرى المستكبرة الاستعمارية، لأنه أيضا يخاف من عريف صف سري في دولته.

كل المطبعيين تابعين عرفاء صف لدى أسيادهم الظاهر منهم والسري.

البوابة 24