بينما تتجه أنظار العالم إلى المواجهة المحتدمة بين إسرائيل وإيران، تعيش غزة حربًا أخرى لا تقل فتكًا ولكن بلا صخب إعلامي ولا حضور سياسي دولي ولا حتى عدسات تتابع المعاناة.
وفي تقرير نشرته شبكة CNN الأمريكية، أعرب عدد من سكان غزة عن شعورهم العميق بأن العالم قد نسي مأساتهم تمامًا مع اشتعال التصعيد بين طهران وتل أبيب منذ منتصف يونيو الجاري.
الأزمة الغذائية
تعيش غزة أزمة جوع حادة، ففي تقرير للأمم المتحدة نشر في أبريل الماضي، تبين أن واحدًا من كل خمسة فلسطينيين يواجه خطر المجاعة، وقد ازداد الوضع سوءًا منذ ذلك الحين.
ورغم أن إسرائيل خففت جزئيًا حصارًا دام 11 أسبوعًا في نهاية مايو، إلا أن المنظمات الإنسانية أكدت أن ما يدخل القطاع لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
وقال توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: "بدون وصول فوري وكبير للمساعدات، فإننا نواجه خطر المجاعة، والانهيار، وفقدان المزيد من الأرواح".
انتقادات دولية
دفعت الكارثة الإنسانية المتفاقمة بعض حلفاء إسرائيل إلى انتقاد سياساتها علنًا، وأصدرت فرنسا وبريطانيا وكندا بيانًا نادرًا الشهر الماضي هددت فيه باتخاذ خطوات ضد إسرائيل إن لم تتحسن الأوضاع.
وعلقت بريطانيا مفاوضات تجارية وفرضت عقوبات على مستوطنين، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي نيته مراجعة اتفاقية تعاون رئيسية مع تل أبيب.
مؤسسة غزة الإنسانية
منذ 27 مايو، بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مبادرة مساعدات مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، بتوزيع المساعدات، لكنها ووجهت بانتقادات لكونها غير مناسبة من حيث التوزيع أو المكان.
فبحسب الأمم المتحدة، قتل ما لا يقل عن 300 شخص أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المؤسسة، التي تقع غالبًا في مناطق تصنف كمناطق قتال نشطة.
وفي حديث لشبكة CNN، عبر محمد، وهو أحد سكان غزة، عن إحساسه بالعزلة التامة قائلًا: "الحرب بين إسرائيل وإيران جعلت الناس ينسوننا تمامًا، لا أحد ينظر إلينا، لا طعام ولا ماء، كل يوم يذهب الناس للحصول على المساعدات وينتهون في أكياس الجثث".
كذلك قالت أم مصطفى:."لقد خرجت غزة من التغطية الإعلامية، وكأنها محيت من على الخريطة".
وأشار أبو جمعة من مدينة غزة إلى أن هناك بعض الأصوات المتضامنة، لكنها تبهت أمام ضجيج الصراع الإيراني الإسرائيلي، فلا أحد يطالب الآن بإدخال الغذاء أو الدواء إلى غزة.
حرب إبادة بطيئة
منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، قتل أكثر من 55,300 فلسطيني، وأصيب أكثر من 128,700، بحسب وزارة الصحة في غزة، وتشير هذه الأرقام إلى أن واحدًا من كل 40 فلسطينيًا في غزة قتل، وهو رقم مرعب يؤكد حجم الكارثة.
كما أشارت دراسة نشرت في ذا لانسيت إلى أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى بكثير، وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن إسرائيل سمحت لعدد محدود فقط من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية باستئناف إدخال المساعدات.
ومع ذلك، لا تزال معظم الإمدادات الحيوية محظورة، بما في ذلك مستلزمات المأوى، ومعدات النظافة، والأجهزة الطبية.