كشف المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، في مقابلة حصرية مع "سكاي نيوز عربية" من نيويورك، عن استراتيجية شاملة تتبناها تل أبيب، تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية الإيرانية وإعادة رسم ملامح التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط.
3 أهداف استراتيجية للحرب
وأشار "دانون"، إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية ترتكز على ثلاثة محاور أساسية:
-
أولها يتمثل في إنهاء البرنامج النووي الإيراني بصورة كاملة، مشددًا على أن إسرائيل تتعامل بجدية تامة مع التهديدات الصادرة من طهران والتي تتوعد بتدمير الدولة العبرية، مشددًا على أن الخطر الإيراني لا يقتصر على إسرائيل وحدها، بل يهدد الخليج والعالم أجمع.
-
أما المحور الثاني، فيتمحور حول وقف تصنيع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وأوضح "دانون"، أن إيران باتت تنتج مئات الصواريخ في محاولة لمضاهاة قوى كبرى مثل روسيا والولايات المتحدة، سعيًا منها لبسط نفوذها الإقليمي.
-
بينما يتمثل المحور الثالث، الذي وصفه بالأهم، في إحباط ما سماه "الخطة الإيرانية لتدمير إسرائيل"، المنفذة بالتعاون مع فصائل مسلحة موالية لطهران، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.
رؤية لنظام إيراني بديل
وأوضح "دانون"، أن تصور إسرائيل لمستقبل إيران، مبديًا قناعته بأن الشعب الإيراني يستحق قيادة مختلفة لا تستنزف ثرواته في تطوير أسلحة الدمار الشامل.
وانتقد "دانوان"، النظام الحالي لإنفاقه نحو 10 مليارات دولار على ميليشيات تدعم الفوضى وعدم الاستقرار الإقليمي.
كما أفاد "دانون"، بأن العلاقات الوثيقة التي جمعت إسرائيل وإيران قبل ثورة عام 1979، معربًا عن أمله في استعادة تلك العلاقات يومًا ما، بما في ذلك تسيير رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وطهران، لكن بشرط أن يشهد النظام الإيراني تغييرا جذريًا.
استقلالية القرار الإسرائيلي
وعند سؤاله عن قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها دون دعم مباشر من واشنطن، أكد "دانون"، أن إسرائيل اتخذت في السابق قرارات استراتيجية منفردة، مستشهدًا بقصف المفاعل النووي في العراق، والعمليات العسكرية في سوريا.
وفي السياق ذاته، لفت "دانون"، إلى أن الولايات المتحدة تتصرف وفقًا لمصالحها، لا سيما في ظل التهديدات الإيرانية المتواصلة ضدها، بما في ذلك محاولات اغتيال الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وحدد "دانون" شروطًا واضحة لوقف التصعيد العسكري، مؤكدًا أن إسرائيل تفضل السلام، لكنها لن تتهاون مع التهديدات التي تطالها.
ربط "دانون"، إمكانية وقف إطلاق النار بضمان عدم تمكن إيران من تطوير قدرات تهدد أمن المنطقة وإسرائيل، سواء عبر الطرق العسكرية أو الدبلوماسية.
ووجه "دانون"، انتقاد حاد لسلوك النظام الإيراني خلال العقدين الأخيرين، متهماً إياه بخداع المجتمع الدولي باستمرار، مشيرًا إلى الاتفاق النووي لعام 2015 كنموذج على انعدام الثقة في نوايا طهران.
إجماع داخلي إسرائيلي
وفي معرض رده على الانتقادات التي ترى أن العملية العسكرية تخدم الأجندة السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وشدد "دانون"، على وجود توافق شعبي واسع حول التحرك العسكري، يشمل مختلف أطياف الطيف السياسي من اليمين واليسار، واصفًا الوضع الحالي بأنه يمثل لحظة وحدة وطنية نادرة.
ودافع "دانون"، عن رؤية إسرائيل بأن العملية ستفضي إلى استقرار إقليمي أكبر، شبيه بما حدث في لبنان بعد إضعاف حزب الله، مع توقعه بتحويل الموارد الإقليمية لاحقًا إلى مجالات التنمية والتعليم بدلاً من سباق التسلح.
علاقات معقدة مع واشنطن
وفي سياق متصل، أشار "دانون"، إلى أن هناك حواراً دائماً يجري بين إسرائيل والقيادة الأميركية، لافتًا إلى أن بلاده تحظى بإعجاب وتأييد كبير من قطاعات عديدة داخل الولايات المتحدة.
ونوه "دانون"، إلى التفاوت السكاني الكبير بين البلدين، إذ يبلغ عدد سكان إسرائيل تسعة ملايين مقابل تسعين مليونًا في إيران، مؤكدًا أن تل أبيب أثبتت قدرتها على تجاوز هذا التحدي.
التزام بحماية المدنيين
وأكد "دانون"، على أن إسرائيل ملتزمة بحماية المدنيين الإيرانيين، وتركز على الأهداف العسكرية ومراكز نفوذ النظام، موضحًا أن بلاده تنبه المدنيين قبل شن أي ضربات، بخلاف إيران التي تتعمد قصف المدن الإسرائيلية.
كما شدد "دانون"، على تعاطف بلاده مع معاناة الشعب الإيراني تحت قبضة النظام الحاكم، مؤكدًا على أن إسرائيل تسعى لتقليل الخسائر المدنية إلى أدنى حد ممكن.
وامتنع "دانون"، عن كشف التفاصيل التي تتعلق باستهداف منشآت نووية كـ"نطنز"، و"فوردو"، و"بارشين"، و"بوشهر"، لكنه أشار إلى أن إسرائيل تمكنت من إبطاء التقدم النووي الإيراني، وستواصل جهودها في هذا المسار.
انفتاح محدود على الوساطة
كما أبدى "دانون"، انفتاحًا محدودًا تجاه الوساطات الدولية، موضحًا أن إسرائيل تجري محادثات مع قادة دول عديدة وتعرض عليهم مبررات تحركاتها.
وأشار "دانون"، إلى أن قادة كثيرين لم يتفاجؤوا بالموقف الإسرائيلي، نظراً لما لمسوه من سلوك إيران خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن طهران تلجأ إلى كسب الوقت والمماطلة.
موقف حازم من القوى الكبرى
وفي ختام حديثه، أكد "دانون"، أن إسرائيل تعتمد على سياسة "الدفاع عن النفس" وتوجيه ضربات استباقية لتجنب تكرار المآسي، لافتًا إلى أن تجربة بلاده مع النازية في الحرب العالمية الثانية جعلت من شعار "لن يتكرر أبداً" عقيدة أمنية لا مجرد شعار.
وشدد "دانون"، على أن بلاده ماضية في تنفيذ استراتيجيتها الهادفة إلى إعادة رسم المشهد الإقليمي من خلال تحجيم إيران ووكلائها، رغم ما قد يترتب على ذلك من تداعيات إقليمية ودولية.