في ظل التصعيد العسكري المتسارع بين إسرائيل وإيران، حذر الدكتور رمزي عودة، خبير الشؤون الإسرائيلية، من أن الأوضاع تسير نحو انخراط أمريكي مباشر في الصراع، لا سيما بعد فشل إسرائيل في استهداف منشأة "فوردو" النووية الإيرانية التي تعد واحدة من أكثر المنشآت تحصينًا في الشرق الأوسط.
وفي مداخلة هاتفية عبر قناة القاهرة الإخبارية من رام الله، أوضح عودة أن سلاح الجو الإسرائيلي يفتقر إلى القدرة التكنولوجية والعتاد العسكري اللازم لتدمير منشأة فوردو، نظرًا لوجودها في عمق جبل وتحصينها ضد الضربات الجوية التقليدية.
وهذا العجز، بحسب عودة، يفرض على إسرائيل الاعتماد على واشنطن التي تمتلك قنابل خارقة للتحصينات يمكنها تنفيذ هذه المهمة، وهو ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى الانخراط ميدانيًا في الحرب.
مخاوف من كارثة نووية
وحذر عودة من أن أي تدخل عسكري يستهدف منشأة "فوردو" قد يؤدي إلى تسرب نووي إشعاعي كارثي، في حال تضررت البنية الداخلية للموقع الذي يضم يورانيومًا مخصبًا بنسبة قد تتجاوز 60%، وأشار إلى أن هذا الاحتمال يهدد الأمن البيئي والصحي في منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
كما لفت إلى تحركات غربية بدأت تتبلور باتجاه تشكيل جبهة دولية لمساندة العمليات العسكرية ضد إيران، موضحًا أن بريطانيا أعلنت استعدادها لإرسال أسطول عسكري - لم يحدد بعد إذا ما كان دوره هجوميًا أم دفاعيًا - بينما لا تزال أستراليا في مرحلة دراسة القرار دون تبني واضح لأي موقف، في حين تواصل واشنطن تحضيراتها السياسية والعسكرية بهدوء في سيناريو يشبه إلى حد بعيد مقدمات غزو العراق عام 2003.
اجتماع طارئ في البيت الأبيض
ضمن السياق ذاته، كشف عودة عن اجتماع عاجل عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع مجلس الأمن القومي، استمر لأكثر من ساعة، لم يعلن في ختامه عن أي قرار حاسم، ما يعكس ترددًا استراتيجيًا داخل الإدارة الأمريكية بشأن مدى التدخل العسكري ومدى تأثيره الإقليمي والدولي.
لكن وفقًا لتسريبات تحدث عنها عودة، فإن واشنطن منحت طهران مهلة تمتد لأسبوع واحد من أجل الانخراط في مفاوضات مباشرة مع الإدارة الأمريكية في محاولة أخيرة لتفادي المواجهة الكبرى.
مفاوضات مشروطة
المهلة الأميركية هذه، كما أوضح عودة، قد تفضي إلى لقاء محتمل بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وأحد المسؤولين الإيرانيين البارزين مثل عباس عراقجي، إلا أن الشروط المطروحة على طهران توصف بأنها شبه تعجيزية وعلى رأسها وقف كامل لتخصيب اليورانيوم، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن باعتباره حقًا سياديًا مكفولًا لها بموجب اتفاقيات دولية.
في ظل هذه المعطيات، يرى عودة أن فرص نجاح المسار التفاوضي تبدو ضئيلة للغاية، ما يعني أن التوتر مرشح للانفجار في أي لحظة ما لم تحدث اختراقات غير متوقعة في اللحظات الأخيرة.
تصريحات نتنياهو
وفي ختام مداخلته، علق رمزي عودة على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي قال فيها إن الشرق الأوسط سيكون مختلفًا بعد الانتصار على إيران، معتبراً أن هذه الكلمات تعكس نية إسرائيلية صريحة لإعادة هندسة النظام الإقليمي بعد الحسم العسكري في حال تحقق.
ووفق قراءة عودة، فإن إسرائيل تسعى من خلال هذه الحرب إلى فرض معادلة جديدة في المنطقة تؤسس لتفوق إقليمي دائم وتضعف النفوذ الإيراني بشكل حاد، تمهيدًا لتحالفات أمنية واقتصادية جديدة على الأرجح مع دول خليجية وغربية.