مع استمرار الهجمات الإسرائيلية.. ما الدول التي قد تتضرر في حال حدوث كارثة نووية؟

المفاعلات النووية
المفاعلات النووية

وسط أجواء التوتر الإقليمي التي أشعلها الهجوم الإسرائيلي على منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران، عم القلق دول منطقة الشرق الأوسط وخاصةً في الخليج العربي، من احتمال تحول التصعيد إلى كارثة نووية واسعة التأثير.

وهو ما انعكس في سلسلة متواصلة من التصريحات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية بالطوارئ النووية، والتي تهدف إلى طمأنة المواطنين واحتواء المخاوف، دون أن تنجح تمامًا في تهدئة القلق الشعبي.

السعودية

في المملكة العربية السعودية، سعت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية إلى تبديد القلق من خلال نشر تغريدات متتالية على منصاتها الرسمية، أكدت فيها أن المملكة آمنة تمامًا من أي آثار إشعاعية محتملة.

وأوضحت الهيئة أنها تنفذ حاليًا تحليلًا استباقيًا للمخاطر الإشعاعية المرتبطة بالطوارئ النووية في إيران، مشددة على أنها اتخذت الإجراءات الوقائية الكفيلة بحماية الإنسان والبيئة.

ومع ذلك، سجلت حسابات الهيئة تفاعلًا غير مسبوق منذ بداية الأزمة، خاصة مع استمرار صدور التحذيرات والتوضيحات، الأمر الذي دفع بعض المتابعين للرد بقلق صريح، مثل أحدهم الذي كتب: "بالله خففوا تغريدات، بديت أتوتر، الله يحفظ بلدنا."

الكويت وقطر

أما في الكويت، فأعلن مسؤول بالحرس الوطني أن البلاد تتابع الوضع الإشعاعي والكيميائي على مدار الساعة، مؤكدًا في لقاء مع التلفزيون الرسمي أن المؤشرات الحالية طبيعية ومستقرة، وأضاف أن أجهزة الرصد المتقدمة تتابع جودة المياه والهواء بشكل لحظي.

وفي قطر، أصدرت وزارة البيئة بيانًا طمأنت فيه السكان بأن مستوى الإشعاع في البلاد لم يخرج عن المعدلات الطبيعية، وأن فرق المراقبة البيئية تعمل على مدار 24 ساعة لمتابعة أي تطورات.

الاستجابة الإقليمية

وفي خطوة احترازية، أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تفعيل مركز إدارة الطوارئ التابع للمجلس بشكل جزئي، وذلك في إطار الاستعداد لأي تطور إشعاعي طارئ في المنطقة.

ورغم هذه التطمينات، يبقى القلق الشعبي قائمًا خاصة في ظل التصعيد المستمر وخطورة السيناريوهات النووية المحتملة.

قصف منشآت التخصيب

وبحسب تقييم عدد من الخبراء الذين تحدثوا إلى بي بي سي نيوز عربي، فإن أخطر ما قد تواجهه المنطقة لا يتمثل في استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم مثل نطنز، بل في حال قصف مفاعلات نووية نشطة مثل مفاعل بوشهر في إيران أو مفاعل ديمونا في إسرائيل.

ففي منشآت التخصيب، لا يتم التفاعل النووي الذي يولد النظائر المشعة الأخطر، على عكس المفاعلات النووية التي تنتج مواد شديدة الإشعاع عند انشطار ذرات اليورانيوم.

وقد أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، أن الهجوم على نطنز أدى إلى تلوث إشعاعي وكيميائي داخل الموقع، لكن مستويات الإشعاع خارج المنشأة ما زالت طبيعية حتى الآن، وهو ما ينطبق أيضًا على بقية المنشآت المستهدفة حتى لحظة التصريح.

من سيتأثر؟

المعطى الأكثر صعوبة في تقييم الخطر الإشعاعي هو عامل الطقس، إذ إن سرعة الرياح واتجاهها إضافة إلى احتمالات هطول الأمطار هي ما يحدد المنطقة الجغرافية التي قد تتعرض للضرر المباشر.

ففي حال انتشار جزيئات مشعة في الجو، تقوم الرياح بحملها على شكل سحابة إشعاعية وعند تساقط الأمطار، تسقط هذه الجزيئات مع مياه المطر مما قد يؤدي إلى تلوث واسع النطاق في مناطق غير متوقعة.

وللدلالة على ذلك، يشير الخبراء إلى كارثة تشيرنوبل عام 1986، حيث وصلت سحابة مشعة إلى بريطانيا رغم بعد المسافة عن موقع الانفجار.

ويؤكد الباحث في آثار الإشعاع البروفيسور جيم سميث من جامعة بورتسموث، أن الحوادث النووية التي تسبب تهديدًا فعليًا خارج نطاق المفاعل قليلة جدًا.

ويضيف: "فقط في حالات مثل تشيرنوبل وفوكوشيما، كان هناك خطر حقيقي على السكان، وحتى في تلك الحالات لم يكن الخطر مهولًا كما يعتقد:.

وينصح سميث الناس بعدم الانجرار وراء القلق المفرط، مؤكدًا أن القلق بحد ذاته قد يسبب أضرارًا نفسية ومجتمعية تفوق الضرر الإشعاعي الحقيقي في بعض الحالات.

مخاطر خاصة في الخليج

سلطت دراسة علمية نُشرت قبل أربع سنوات في مجلة العلم والأمن العالمي الضوء على الخصوصية الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية لدول الخليج، التي تجعل أي حادث نووي فيها أكثر تعقيدًا من أماكن أخرى في العالم.

فأولًا، الكثافة السكانية العالية في المدن الساحلية الخليجية تجعل من إجلاء السكان مهمة شبه مستحيلة في حال الطوارئ، وثانيًا، تعتمد دول الخليج بشكل كبير على مياه البحر المحلاة، وهو ما يهدد أمن المياه في حال تلوث البحر بالإشعاع، خاصة أن دورة المياه في الخليج شبه المغلق تحتاج من سنتين إلى خمس سنوات للتجدد.

وثالثًا، فإن مناطق إنتاج وتصدير النفط والغاز تقع على السواحل، مما يجعل أي حادث إشعاعي كفيلًا بتعطيل الملاحة البحرية في مضيق هرمز، وهو ما قد يُحدث هزة اقتصادية عالمية.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحذر

وفي أول تعليق رسمي بعد الغارات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، حذر المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي من تكرار مثل هذه الهجمات، قائلًا: "قلت مرارًا وتكرارًا: يجب ألا تتعرض المرافق النووية للهجوم تحت أي ظرف، أي عمل عسكري يستهدف سلامة هذه المنشآت قد تكون له عواقب وخيمة تمس الإيرانيين والمنطقة والعالم".

بي بي سي