بقلم/ عاطف صالح المشهراوي
أيها الإنسان .. لكي تسود قوماً حق السيادة .. عليك أولاً أن تسود نفسك وتنجح في سيادتك لها، لأن النفس برأيي هي المقياس الوحيد الصادق الذي تمتلك من خلاله قياس مدى قدراتك على ارتقاء سلم السيادة .
فلو كانت نفسك تواقة نزاعة إلى شيء ما، فإن هذا يعني أنك قد لا يمكنك أن تمتلك نفسك فتجعلها رهينة تنقاد لك فيما تريد، وألا لما وُجِد الخطأ والزلل والتوبة والندم، ولما وِجِد أيضاً ما يسمى بالخبرة الممكنة الناجمة عن خوض التجارب .
ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن تتبع نفسك فيما تأمرك به باستمرار، وذلك لتخرج بالعبرة والفكرة والخبرة والذكرى .
فان كنت غيرَ قادرٍ على جعل نفسك تنقاد إليك فإن أقل ما ينبغي عليك فعله حيالها هو ألا تنقاد أنت خلفها، وإن فشلت في عصيانها فلا تطعها كل الطاعة .. وإن كان صحيح أنك ستكون في مثل هذه الحال مثلك مثل الفعل المعتل، ولكن هذا أفضل بكثير من أن تكون اسما مجروراً باستمرار .. حيث أن الفعل المعتل يندرج ضمن قاعدة الأفعال فيرفع وينصب ويجزم، ولكن ليس كما الأفعال الصحيحة، وعلى الرغم من أنه يكسر القاعدة مرة بحرف علة في وسطه وأخرى في آخرة، وأحياناً يحير القاعدة الفعلية بشذوذه، إلا أنها لا تُسقِطَه منها ولا تنبذه جانباً بل تخلق له مكاناً فيها حتى لو كان مجازاً .. أتدرك لماذا ؟ ! لأنه على أي حال كان أو يكون فإنه ينتمي إلى فئة الأفعال، فلو كان حرفاً مثلاً لما اكترثت له الأفعال !!
كذلك أنت أخي الكريم فطالما أنك تدخل ضمن فئة الخير والاستقامة والكرامة .. فإنك ستبقى منتمياً إليهم، حتى وإن راودتك نفسك أحياناً واتبعت هواها .
ولكن ماذا لو كانت نفسك تشدك باستمرار خلف أهوائها ؟! في هذه الحالة إما تنحدر خلفها إلى الضياع الأبدي، وإما أن يعود لك إحساسك الإنساني وترتقي بها إلى سلم العزة والكرامة .. وحتى إن تم ذلك خطوة تلوى الأخرى .
هنا يأتي دور أهم عوامل الارتقاء بالنفس عن الدونية .. إنه عامل الإرادة فكلما قاومت نفسك وأردت هذا بصدق فإنك حتماً ستنجح وتفلح .. وعليك بالصبر لتحقيق هذا النجاح ولو على مراحل، فتارة تنجح بتقدير حسن وتارة أخري بتقدير جيد، ولكنك ستنجح في نهاية المطاف بتقدير امتياز، وهو ما يُعتَبَر الوصول إلى القمة في عصرنا هذا المشحون ببعض أمور الفساد الأخلاقي ..
وإن حدث وتوجت نفسك بتاج الانتصار عليها، فانك في تلك اللحظة فقط ستشعر بأنك إنسان قوي بما تعنيه الكلمة من معنى .. وستكون سيد نفسك التي ستشعر من خلالها أنك سيد هذا العالم ..
وثق تماماً بأنك إن سدت العالم دون نفسك فانك وفي لحظة صدق مع نفسك لن تشعر بالمذاق الطيب لتلك السيادة وإن حاول العالم بأسره أن يشعرك به .
وثق أيضاً بأن السيادة الناجحة هي التي يُسيدك بها قومك وليست التي تُسَيِد بها نفسك على قومك .
محبكم/ عاطف صالح المشهراوي
كاتب إعلامي أكاديمي