في مشهد يختزل حجم المأساة المتفاقمة في قطاع غزة، حذرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، من أن الوضع الإنساني في القطاع تجاوز حدود الكارثة، مؤكدة أن ما يُمارس بحق الفلسطينيين يشكّل واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية في العصر الحديث.
وقالت ألبانيزي، خلال تقديم تقريرها الأخير أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الخميس، إن قطاع غزة تحول فعليًا إلى ما أسمته "فخ موت"، مشيرة إلى أن ما يعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، أصبحت جزءًا من آلية معقدة هدفها تهجير المدنيين أو دفعهم للموت البطيء تحت نيران الجيش الإسرائيلي.
فرض عقوبات شاملة
طالبت ألبانيزي المجتمع الدولي، وتحديدًا الدول التي تربطها علاقات اقتصادية أو دفاعية مع إسرائيل، باتخاذ إجراءات فورية، وعلى رأسها فرض حظر كامل على تصدير الأسلحة إليها، وتعليق كافة أشكال التعاون التجاري والاستثماري معها.
ووصفت المسؤولة الأممية ما يحدث في غزة بأنه "انهيار تام للمنظومة الأخلاقية الدولية"، مؤكدة أن إسرائيل تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن المجازر الجارية.
قتل المدنيين بدل إنقاذهم
في السياق ذاته، طالبت أكثر من 170 منظمة إغاثة دولية بإغلاق "مؤسسة غزة الإنسانية" بشكل فوري، محذرة من أن نشاطها لا يوفر الحماية بل يشكل خطرًا مباشرًا على حياة المدنيين الفلسطينيين.
وفي بيان مشترك صدر من جنيف يوم الثلاثاء، أعلنت 171 جمعية ومنظمة غير حكومية - من بينها "أوكسفام"، و"أطباء بلا حدود"، و"إنقاذ الطفولة"، و"العفو الدولية"، و"المجلس النرويجي للاجئين" - عن رفضها القاطع لاستمرار عمليات المؤسسة المدعومة من واشنطن.
وطالبت بإعادة العمل بنظام توزيع المساعدات الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، محذرة من أن الفلسطينيين باتوا أمام خيارين كلاهما قاتل: إما الموت جوعًا أو التعرض لإطلاق النار خلال محاولات الحصول على الطعام.
وجاء في البيان: "يواجه الفلسطينيون في غزة خيارًا مستحيلًا؛ إما الهلاك جوعًا، أو المخاطرة بالرصاص أثناء محاولاتهم اليائسة لتوفير الغذاء لعائلاتهم".
دعم المؤسسة رغم مجازر التوزيع
ورغم تصاعد الانتقادات الحقوقية، أعلنت الإدارة الأمريكية يوم الاثنين الماضي تمسكها بمواصلة دعم "مؤسسة غزة الإنسانية"، متجاهلة تقارير موثقة عن استهداف مدنيين في مراكز توزيع المساعدات التابعة لها، يأتي هذا رغم إقرار الجيش الإسرائيلي نفسه بأن نيرانه تسببت بوقوع إصابات بين المدنيين خلال تلك العمليات.
وتعد المؤسسة المذكورة منظمة أميركية، تأسست رسميًا في فبراير 2025، ومسجلة في ولاية ديلاوير، بزعم العمل على توزيع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في ظل الحرب المستمرة.
إلا أن الواقع على الأرض، بحسب تقارير ميدانية وشهادات محلية، يظهر أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار بشكل شبه يومي على المدنيين المتجمهرين قرب ممرات التوزيع، الواقعة في نطاق عسكري إسرائيلي.
مئات الشهداء وآلاف الجرحى
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن 600 فلسطيني على الأقل استشهدوا، وأصيب ما لا يقل عن 4186 آخرين، أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز المساعدات منذ بدء نشاط المؤسسة.
وتؤكد التقارير الحقوقية أن معظم هذه الحوادث وقعت في مناطق مفتوحة تصنف كمناطق "قتل مكشوف" نتيجة تموضع القناصة أو استخدام طائرات مُسيّرة لإطلاق النار على الحشود.