صرخات لا تسمع.. صحيفة عبرية تكشف الممنوع من النشر في تل أبيب 

جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

كشفت تشين أرتزي سرور، المحللة العسكرية بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في مقال صادم، عن تفاصيل دقيقة ومسكوت عنها تخضع لرقابة عسكرية صارمة داخل إسرائيل، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يتكتم على حجم الأزمة النفسية التي يمر بها جنوده في ظل الحرب المستمرة على غزة، ويحظر تسريبها إلى الإعلام أو مناقشتها علنًا.

وأكدت سرور أن هناك تعتيما كاملا على محاولات الانتحار بين الجنود النظاميين والاحتياطيين، إلى جانب منع نشر بيانات حول الاعتماد الواسع على الأدوية النفسية في صفوف القوات، كما لا يتم الكشف عن المشكلات التشغيلية التي تواجه الجيش، مثل الأعطال الميدانية، ضعف الانضباط، الإرهاق، والتعب المزمن بين الجنود.

الشهادات الشخصية

أوضحت الكاتبة أن الواقع الميداني الذي يعيشه الجنود يختلف كليًا عما يتم الترويج له عبر المنصات الرسمية، حيث يتم تسليط الضوء فقط على القتلى في المعارك لأغراض دعائية، بينما تطمس القصص المرتبطة بالمعاناة النفسية والانهيارات العصبية والانتحارات.

وأكدت سرور أن غالبية الحقائق حول ما يعيشه الجنود يتم كشفها من خلال شهادات الأهالي فقط، بسبب غياب الشفافية من المؤسسة العسكرية، وأضافت أن مجلس الحرب الإسرائيلي يركز فقط على الجوانب الاستراتيجية والعملياتية، متجاهلًا تمامًا الآثار النفسية والاجتماعية التي تطحن الجنود وعائلاتهم بصمت.

تدريب غير كافي

أشارت سرور إلى أن الجنود الإسرائيليين يتم إرسالهم إلى جبهات القتال بعد دورات تدريبية قصيرة وغير مؤهلة نفسيًا أو عسكريًا للتعامل مع وحشية المعارك، مما يزيد من مخاطر تعرضهم لصدمات نفسية حادة.

أما جنود الاحتياط، فغالبًا ما يتم تجنيدهم بشكل مفاجئ دون أي تهيئة أو دعم نفسي، ما يجعلهم أكثر عرضة للانهيار أو رفض العودة إلى ساحة القتال.

العنف داخل الأسر العسكرية يتصاعد

أبرزت المحللة حقيقة مقلقة، وهي أن العنف النفسي والجسدي والجنسي في الأسر التي تضم جنودًا عاملين في الجيش قد ارتفع بشكل كبير، مشيرة إلى أن:

  • 30% من الأسر التي يعمل فيها الزوجان داخل الجيش تعاني من العنف الأسري.
  • 24% من هذه الأسر تعرضت لعنف جسدي أو جنسي، مقابل 3% فقط في الأسر غير العسكرية.

وهذا يدل على أن تداعيات الحرب لا تتوقف عند الخطوط الأمامية، بل تمتد إلى الحياة الشخصية والعائلية للجنود.

غياب البيانات الرسمية يزيد الأزمة

انتقدت سرور ما وصفته بـ"الجمود المؤسسي في تحديث البيانات الرسمية"، مشيرة إلى أن آخر إحصائيات عن الوضع النفسي للجنود تعود إلى أكثر من 9 أشهر مضت، في حين تتعامل الدولة مع التضحيات العسكرية كأنها عبء مشترك، لكن تعالج آثارها بطريقة فردية تترك المسؤولية بالكامل على كاهل العائلات.

وشددت على أن التضامن الاجتماعي في إسرائيل آخذ في الانهيار، في ظل تجاهل الحكومة لمعاناة عائلات الجنود، مما يعمق الانقسام الداخلي ويفاقم شعور اليأس لدى شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي.

الحرب تنهك الجيش

قالت سرور بشكل حاسم: "لا يمكن لإسرائيل أن تواصل حربًا لعامين بجيش منهك نفسيًا وتشغيليًا"، مشيرة إلى أن تجاهل التكاليف طويلة الأمد للحرب، سواء النفسية أو التعليمية أو الاقتصادية، يهدد مستقبل الجيش الإسرائيلي وقدرته على الصمود.

كما وصفت الوعود الحكومية، مثل تحرير الأسرى، إعادة إعمار غزة، أو تحقيق نصر شامل، بأنها وعود غير واقعية، مشيرة إلى أنها تفتقر إلى خطة تنفيذ حقيقية وتُستخدم فقط لتسكين الرأي العام.

رقابة إعلامية

اختتمت سرور تحليلها بالإشارة إلى أن التركيز المفرط على "الإنجازات العسكرية" يخفي الكارثة الإنسانية الجارية داخل إسرائيل، سواء على المستوى العسكري أو المجتمعي.

وأكدت أن الرقابة المشددة تعمق الفجوة بين الواقع والخطاب الرسمي، وأن إهمال الصحة النفسية والاجتماعية للجنود قد يؤدي إلى تفكك تدريجي في بنية الجيش والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء.

كما حذرت من أن تخلي الحكومة عن مسؤولياتها تجاه جنودها ومجتمعها يهدد استقرار الدولة ويزيد الانقسام والانهيار من الداخل.

روسيا اليوم