تحقيق أميركي يحرج إسرائيل ويكشف حقيقة تورط حماس في نهب المساعدات (تفاصيل)

نهب المساعدات
نهب المساعدات

كشفت وكالة "رويترز" أن تحقيقًا داخليًا أجرته الحكومة الأميركية لم يتوصل إلى أي دليل يثبت تورط حركة "حماس" في سرقة منهجية للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة. 

وجاء هذا التحليل ليشكك في أحد المبررات الأساسية التي تتذرع بها كل من إسرائيل وواشنطن لدعم إنشاء آلية مساعدات مسلحة وخاصة، خارج إطار المنظمات الإنسانية التقليدية.

التحقيق، الذي لم ينشر رسميًا حتى الآن، أجراه مكتب المساعدات الإنسانية التابع لوكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID)، واكتمل في نهاية يونيو الماضي. 

وقد دقق في 156 واقعة سرقة أو فقدان للإمدادات، كانت قد أبلغت عنها منظمات إنسانية أميركية شريكة في الفترة الممتدة من أكتوبر 2023 إلى مايو 2024.

النتائج تكشف الحقيقة

وبحسب شرائح عرض نتائج التحقيق التي اطلعت عليها "رويترز"، لم يتضمن التحليل أي بلاغات تشير إلى أن حماس استفادت من هذه المساعدات بشكل مباشر.

في المقابل، أظهرت النتائج أن 44 حالة من أصل 156 واقعة فقدان أو سرقة يمكن أن تنسب مباشرة أو بشكل غير مباشر إلى الإجراءات العسكرية الإسرائيلية، التي فاقمت من صعوبة توصيل المساعدات داخل القطاع.

ورغم هذه النتائج الصادمة، لم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعليق بشأن الاتهامات المباشرة أو غير المباشرة التي وردت في التقرير.

الخارجية الأميركية تعلق

في رد متناقض، نفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صحة النتائج، مؤكدًا أن لدى واشنطن أدلة مصورة على قيام حماس بنهب المساعدات، لكنه لم يقدم أي مقاطع فيديو أو صور تدعم هذا الادعاء.

وذهب المتحدث إلى اتهام المنظمات الإنسانية التقليدية بـ"التستر على فساد المساعدات"، دون تقديم أدلة ملموسة، في وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي لإنهاء الحصار على غزة وفتح ممرات آمنة للمساعدات.

وأشار مصدران مطلعان على التحقيق إلى أن نتائج التقرير تم تسليمها رسميًا إلى مكتب المفتش العام في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وكذلك إلى مسؤولي وزارة الخارجية المعنيين بالشرق الأوسط، وذلك بالتزامن مع تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في القطاع.

أزمة إنسانية متفاقمة

رغم تأكيد إسرائيل التزامها بإدخال المساعدات إلى غزة، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى حصار فعلي يمنع وصول تلك المساعدات إلى المحتاجين، وتظهر تقارير برنامج الأغذية العالمي أن نحو 25% من سكان غزة، أي ما يقارب نصف مليون شخص، يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، بينما يعاني آلاف الأطفال من سوء تغذية حاد.

وتشير منظمات مثل منظمة الصحة العالمية وشهادات أطباء في غزة إلى وفاة أطفال ومدنيين نتيجة الجوع، في ظل استمرار الحصار وتشديد القيود.

وما يزيد من تعقيد المشهد، هو أن بعض نقاط توزيع المساعدات أصبحت تدار من قبل منظمة "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة تمولها الولايات المتحدة وتستخدم شركة لوجستية ربحية يديرها ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) ومحاربون قدامى مسلحون من الجيش الأميركي.

وقد وثقت الأمم المتحدة مقتل أكثر من ألف مدني فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية، غالبيتهم سقطوا قرب مواقع توزيع تديرها هذه المؤسسة.

تاريخ معقد لـ USAID في غزة

جدير بالذكر أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) كانت أكبر ممول للمساعدات الإنسانية إلى غزة، قبل أن يجمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كافة المساعدات الخارجية الأميركية في يناير 2018، وهذا القرار أدى إلى تعطيل آلاف البرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأتبعته الإدارة بتفكيك تدريجي للوكالة ودمج مهامها داخل وزارة الخارجية.

واليوم، مع ازدياد الحاجة الإنسانية الملحة في القطاع، وظهور تناقضات رسمية بين نتائج التحليل الحكومي والتصريحات السياسية، تبدو السياسة الأميركية تجاه غزة على مفترق طرق خطير، ينذر بالمزيد من الجدل والضغوط الدولية على واشنطن وتل أبيب لإعادة النظر في استراتيجيات المساعدات تحت الحصار.

إرم نيوز