في تحول جديد يعكس استعدادًا مصريًا مبكرًا للمرحلة التالية من الحرب على قطاع غزة، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأربعاء، أن القاهرة باشرت بالفعل تدريب المئات من الفلسطينيين لتولي مهام أمنية داخل قطاع غزة عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأكد عبد العاطي، في تصريحاته لقناتي "العربية" و"الحدث"، أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة مصرية متكاملة تستهدف إعادة تنظيم القطاع أمنيًا وإداريًا بعد انتهاء العمليات العسكرية، بما يضمن تحقيق استقرار حقيقي على الأرض، دون عودة للفوضى أو الانفلات الأمني.
وأضاف أن مصر لا تنتظر نهاية الحرب لبدء الترتيبات، بل بدأت فعليًا في تنفيذ مراحلها، موضحًا أن الهدف هو "حوكمة قطاع غزة" بما يشمل الأمن والإدارة، تحت إشراف مصري مباشر وبالتنسيق مع الأطراف الفلسطينية المعنية.
مفاوضات الهدنة
وفي ما يخص مفاوضات التهدئة، أوضح وزير الخارجية أن القاهرة تضغط بقوة على كافة الأطراف لدفعهم نحو القبول بوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن مصر تجري اتصالات يومية ومستمرة مع كل من الولايات المتحدة وقطر، اللتين تلعبان دورًا مهمًا في الوساطة.
وصرح عبد العاطي بأن الجهود المصرية تسير في أكثر من مسار متوازي، من جهة تسعى إلى وقف الحرب بأسرع وقت ممكن، ومن جهة أخرى تضع الأسس لمرحلة ما بعد الحرب، بما في ذلك الأمن، والإغاثة، وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني.
كما أشار إلى أن مصر تستند في تحركاتها إلى الشرعية الدولية ومقررات الأمم المتحدة، وهي حريصة على حفظ التوازن بين العمل الإنساني والتدخل السياسي الهادف لتسوية شاملة.
تحرك سعودي فرنسي
وخلال مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن "حل الدولتين" المنعقد في نيويورك، أعلن وزير الخارجية المصري أن الجهد السعودي الفرنسي المشترك ساهم في كسر الجمود الدولي بشأن تنفيذ هذا الحل الذي ظل معطلاً لسنوات.
واعتبر عبد العاطي أن هذه المبادرة تمثل فرصة حقيقية يجب البناء عليها، داعيًا كافة الأطراف الدولية إلى دعمها وعدم الاكتفاء بالمواقف النظرية أو البيانات السياسية.
وأكد الوزير المصري أن "إسرائيل لن تنعم بالأمن" ما لم يتم تنفيذ حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، وإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة، مشيرًا إلى أن أي حلول مؤقتة أو بديلة لن تُفضي إلى استقرار دائم في المنطقة.
تحذير مصري
وفي أقوى تصريحاته خلال المؤتمر، اتهم بدر عبد العاطي الحكومة الإسرائيلية باستخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين في غزة، مؤكداً أن المجاعة التي يشهدها القطاع تفوق الخيال من حيث شدّتها واتساع نطاقها.
وأشار إلى أن منع دخول المساعدات، واستهداف خطوط الإمداد، وعدم السماح بتوزيع الغذاء بشكل آمن، كل ذلك أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، يتحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عنها.
وطالب عبد العاطي المجتمع الدولي، وبشكل خاص الدول المؤثرة في مجلس الأمن، بالتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم الإنسانية، وضمان دخول المساعدات إلى غزة بشكل عاجل ومنتظم بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية أو عسكرية.