منظمة التحرير الفلسطينية: نحو إصلاح شامل وتجديد الشرعيات على أسس تمثيل شعبي وقانوني راسخ

بقلم: المحامي علي أبو حبلة

– تُعد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفق اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم (3236) لعام 1974، وقرار (43/177) لعام 1988 الذي اعترف بإعلان دولة فلسطين. إلا أن الواقع السياسي الراهن يكشف وجود أزمة بنيوية في آليات تمثيل الفصائل والقوى السياسية داخل المنظمة، حيث تضم في صفوفها أطرافًا وفصائل لم تعد تمتلك قاعدة شعبية وازنة، بل فقدت شرعيتها الشعبية منذ عقود، ما يطرح إشكالية قانونية وسياسية حول أهليتها في الاستمرار باتخاذ القرارات المصيرية باسم الشعب الفلسطيني. البُعد القانوني للشرعية التمثيلية القانون الدولي، وخصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 25)، ينص على حق الشعوب في اختيار ممثليها بحرية عبر انتخابات دورية نزيهة. كما أن ميثاق الأمم المتحدة يقر بحق الشعوب في تقرير مصيرها عبر هيئات تمثيلية تستمد شرعيتها من القاعدة الشعبية. إن استمرار تمثيل فصائل لا تحظى بدعم شعبي واسع يتعارض مع هذه المبادئ، ويضعف الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي، خصوصًا في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي الطعن بشرعية منظمة التحرير. أزمة التمثيل داخل المنظمة تشير المعطيات الميدانية إلى أن بعض الفصائل داخل منظمة التحرير لا تمثل سوى نسب ضئيلة من الشعب الفلسطيني، ولا تملك حضورًا فاعلًا في الأراضي المحتلة أو الشتات. وغياب الإحصاءات الرسمية الدورية حول حجم تمثيل كل فصيل سمح ببقاء قوى سياسية متكلسة في مواقعها دون تجديد شرعيتها أو إثبات ارتباطها بالجمهور. مقترحات إصلاحية شاملة لضمان بقاء منظمة التحرير إطارًا جامعًا وفاعلًا، تبرز الحاجة إلى برنامج إصلاحي متكامل يتضمن: 1. إعادة صياغة النظام الأساسي للمنظمة بحيث ينص صراحة على: شرط امتلاك الفصيل لقاعدة شعبية موثقة ومثبتة عبر انتخابات أو استطلاعات رسمية محايدة. مراجعة دورية (كل 4 سنوات) لشرعية التمثيل. 2. إجراء انتخابات عامة وشاملة: انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني وفق التمثيل النسبي الكامل، تشمل الداخل والشتات. اعتماد السجل المدني للفلسطينيين كأساس لقوائم الناخبين. إشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية ، وبمراقبة عربية ودولية. 3. عقد مؤتمرات وطنية دورية: مؤتمر وطني شامل لتجديد أوراق اعتماد الفصائل والمنظمات الشعبية. عرض تقارير مفصلة عن نسب تمثيلها في المجتمع الفلسطيني داخل الوطن وخارجه. 4. تجديد الشرعيات: إسقاط أو تعليق عضوية أي فصيل لا يحقق نسبة تمثيل حدها الأدنى (يُحدد مثلاً بـ 5% من الكتلة الناخبة). إلزام جميع الفصائل بعقد مؤتمراتها الداخلية وانتخاب قياداتها بشكل دوري وعلني. 5. توسيع قاعدة المشاركة: فتح باب الانضمام أمام القوى الجديدة، والمستقلين، والحركات الشبابية والنسائية، لتعزيز التنوع والتمثيل الحقيقي. النتائج المتوقعة من الإصلاح تطبيق هذه الإصلاحات سيعزز: الشرعية الوطنية أمام الشعب الفلسطيني وأمام المجتمع الدولي. وحدة الصف من خلال تمثيل جميع المكونات السياسية والاجتماعية. الموقف التفاوضي للمنظمة في مواجهة الاحتلال. المساءلة والشفافية في اتخاذ القرارات المصيرية. خاتمة إن الحفاظ على مكانة منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب تجديد بنيتها التمثيلية بما ينسجم مع المبادئ الديمقراطية والقانون الدولي، وإبعادها عن هيمنة قوى فقدت صلتها بجماهيرها. فشرعية المنظمة ليست وراثية أو أبدية، بل هي عقد ثقة متجدد مع الشعب، لا يصان إلا عبر صناديق الاقتراع، والتمثيل الحقيقي، والمحاسبة الدورية.

البوابة 24