كشفت صحيفة الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء، أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لوقف الحرب في غزة، التي حظيت بترحيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وضع حركة حماس في موقف مصيري معلق، إذ ينتظر الجميع ردها الرسمي.
وتضمنت الخطة الأمريكية عناصر جوهرية أبرزها الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع مقابل تفكيك قدرات حماس العسكرية ونزع سلاحها، وهو الشرط الذي شدد عليه كل من ترامب ونتنياهو عند الإعلان في واشنطن.
ارتباك داخلي
أكدت مصادر داخل حماس للصحيفة أن الحركة تشهد حالة من الارتباك إزاء الموقف النهائي، حيث وصفت الخطة بأنها "مجحفة وظالمة" إلا أن الأجواء الداخلية تميل للتعامل معها بـ"إيجابية مطلقة".
وأوضح أحد قياديي الحركة أن قضية السلاح ومصير المقاومة سوف تناقش على طاولة فصائل المقاومة بشكل جماعي، معتبراً أن القرار لن يحسم بشكل منفرد.
تعديلات مطلوبة على الطاولة
رغم الإعلان عن النية للتعاطي الإيجابي، إلا أن مصادر الحركة رأت أن الخطة الأميركية تتضمن "بنوداً فضفاضة" بلا ضمانات حقيقية خصوصاً في مسألة الانسحاب الإسرائيلي، وطرحت مطالب بإجراء تعديلات على بعض البنود، أبرزها:
- تمديد المهلة الزمنية البالغة 72 ساعة، التي وصفتها حماس بأنها "غير واقعية".
- إضافة تفاصيل أكثر دقة بشأن ملف تبادل الأسرى وتسليم الجثامين.
- قبول مبدأ الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً من أصحاب المحكوميات المؤبدة، وهو ما اعتبر مقبولاً من جانب الحركة.
اجتماعات داخلية وضغط للرد
أكدت المصادر نفسها أن اجتماعات ماراثونية بدأت منذ ليلة استلام المقترح واستمرت حتى ساعات الفجر، مع إرسال نسخة للفصائل الفلسطينية الأخرى لمناقشتها، ورغم أن الوسطاء طلبوا رداً خلال يومين، إلا أن حماس أوضحت أن الأمر غير ملزم، مشددة على أن الأولوية هي وقف الحرب وإعادة الإعمار ورفع الحصار.
وساطة قطرية ـ مصرية ـ تركية
في موازاة ذلك، أعلنت قطر عن محادثات جمعتها مع وفد حماس بحضور الجانب المصري، وأكدت أن الوفد وعد بدراسة الخطة "بمسؤولية"، كما أعلن عن اجتماع آخر بمشاركة تركيا لبحث البنود التفصيلية، ضمن سياق دبلوماسي يعكس إدراكاً إقليمياً لحساسية المرحلة.
مواقف متباينة داخل الحركة
من داخل غزة، أبلغت قيادات ميدانية قيادتها في الخارج بضرورة التعاطي الإيجابي مع المقترح، بدعم من الجناح العسكري "كتائب القسام"، الذي كان قائده الراحل محمد السنوار قد أيد فكرة التوجه نحو وقف الحرب قبل اغتياله في يونيو الماضي.
لكن على الجانب الآخر، عبرت شخصيات قيادية عن رفض واضح، معتبرة أن الخطة "خداع أمريكي" هدفه استعادة الأسرى الإسرائيليين ثم العودة لتصعيد عسكري جديد.
ضغط شعبي ورسائل من الداخل
الضغوط على حماس لا تأتي فقط من الوسطاء، بل من داخل المجتمع الغزي نفسه، وحث شخصيات محلية بارزة، بينها مسؤولون خدموا في مواقع قيادية سابقة، الحركة على التجاوب مع الخطة لتجنيب القطاع المزيد من الدمار.
دعا رئيس بلدية خان يونس، علاء البطة، في منشور على فيسبوك إلى عقد اجتماع افتراضي بين جميع الفصائل لتسليم رد جماعي والموافقة على الخطة فوراً، واصفاً ذلك بأنه "تجرع للسم" لكنه السبيل الوحيد لوقف الحرب، كما اقترح تشكيل وفد تفاوضي برئاسة السلطة الفلسطينية وبرعاية إقليمية (السعودية، مصر، قطر، تركيا) لتعديل البنود العالقة وانتزاع ضمانات واضحة.
بين قبول مر ورفض محفوف بالمخاطر
يبقى موقف حماس معلقاً بين "التعاطي الإيجابي" من جهة، وبين المخاوف من الوقوع في فخ سياسي وعسكري من جهة أخرى، فالخطة لا تحقق الطموحات الفلسطينية كاملة، لكنها تحمل وعوداً بوقف شامل للحرب، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار.
وبين هذه المعادلة المعقدة، تبدو حماس أمام مفترق طرق حاسم إما الدخول في تسوية "ناقصة" تنقذ القطاع من الدمار، أو المخاطرة بالرفض وما قد يحمله من جولة جديدة من الحرب.