مع احتدام الحرب في قطاع غزة واشتداد التحركات الدبلوماسية، عبرت القاهرة عن تشاؤم متنامي حيال إمكانية نجاح المبادرة الأميركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب لوقف القتال.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر مصرية رفيعة، أن مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية أبلغوا نظراءهم المصريين بأن هذه الخطة تمثل الفرصة الأخيرة على الطاولة، قبل أن تعطي واشنطن الضوء الأخضر لتل أبيب من أجل تنفيذ عملية عسكرية شاملة تستهدف القضاء كلياً على حركة حماس وبقية الفصائل المسلحة في القطاع.
واشنطن تغلق باب التعديلات
أوضحت المصادر المصرية أن واشنطن لا تبدي استعداداً لمناقشة أي ملاحظات أو اعتراضات من جانب حماس أو بقية الفصائل الفلسطينية، وخصوصاً تلك التي تتعلق بملفات حساسة مثل:
- آلية الإفراج عن الرهائن خلال مهلة 72 ساعة.
- تفاصيل الانسحاب الإسرائيلي المرحلي.
- شكل الترتيبات السياسية والإدارية الخاصة بمرحلة "اليوم التالي" للحرب.
هذا التشدد الأميركي، بحسب المصادر، يعكس رغبة واضحة في فرض الخطة كما هي، باعتبارها صيغة نهائية غير قابلة للتعديل.
ثغرات جوهرية في الخطة
وفي موازاة ذلك، عبر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن تحفظات بلاده خلال كلمة ألقاها في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، حيث أشار إلى أن خطة ترمب لا تزال تحتوي على ثغرات كبيرة تحتاج إلى سدها، مضيفاً أنها تتطلب المزيد من النقاشات حول آليات التنفيذ، خصوصاً ما يتصل بالترتيبات الأمنية ومستقبل الحكم في القطاع بعد انتهاء العمليات.
وأكد الوزير أن مصر ترى ضرورة توسيع النقاشات الدبلوماسية حول الخطة قبل اعتمادها بشكل نهائي، محذراً من أن تجاهل هذه النقاط قد يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد بدلاً من التهدئة.
دور الوسطاء وتواصل مباشر مع ترمب
في الوقت نفسه، يواصل الوسطاء في القاهرة والدوحة اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية، بمشاركة تركية، لمحاولة إيجاد صيغة تسمح بتمرير الخطة وتجاوز العقبات، وكشفت الصحيفة أن بعض الملاحظات الفلسطينية الأولية نُقلت بالفعل إلى الرئيس الأميركي مباشرة، خلال اتصاله الهاتفي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء أمس.
وتعكس هذه الخطوة أن النقاشات لا تزال دائرة في أجواء متوترة، وأن قطر تحاول لعب دور حلقة الوصل بين واشنطن وحماس لتفادي انهيار المسار السياسي.
حماس بين التعديل والرفض
تشير التقديرات الأولية إلى أن حركة حماس لن تقدم على رفض الخطة بشكل كامل، لكنها ستسعى إلى إدخال تعديلات على بعض البنود الجوهرية، غير أن الإدارة الأميركية تعتبر مجرد محاولة التعديل تهديداً لأساس الخطة وروحها وهو ما يفسر النبرة الحادة التي يستخدمها المسؤولون الأميركيون في تصريحاتهم الأخيرة.
وتفهم هذه التصريحات، بحسب مراقبين، على أنها رسالة واضحة مفادها أن الهامش التفاوضي المتاح أمام حماس والفصائل ضيق للغاية، وربما معدوم تماماً، وأن أي محاولة للمناورة أو الإطالة في الرد قد تدفع إسرائيل إلى المضي قدماً نحو خيار الحرب البرية الشاملة.