حظى رد حركة "حماس" على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام ووقف الحرب على غزة بترحيب دولي واسع، وسط تفاعلات مكثفة تشير جميعها إلى رغبة محمومة في إنهاء الحرب وإيقاف نزيف الدماء وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
موافقة مشروطة ورسائل سياسية
ويأتي رد حماس مرتكزاً على إعلان موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء وتسليم جثث القتلى، إلى جانب استعدادها الفوري للدخول في مفاوضات عبر الوسطاء لبحث تفاصيل الخطة.
ويتساءل البعض عن الرسائل التي تضمنها رد الحركة، وما الخطوات التالية لتنفيذ خطة ترامب عقب قبولها.
وفي هذا الإطار، كشف مصدر مصري أن التحضيرات جارية لبدء مناقشات تهدف إلى تهيئة الظروف الميدانية لتبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، إلى جانب الإعداد لحوار فلسطيني شامل لمناقشة مستقبل غزة.
كما لفتت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف سيصل إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة للمشاركة في المفاوضات.
رسائل متعددة من حماس
وأكد اللواء أركان حرب دكتور وائل ربيع، الخبير في الشأن الإقليمي والإسرائيلي، إن رد حماس جاء ذكياً، إذ بدأ بتلبية المطلب الأساسي للرئيس الأميركي المتعلق بالإفراج عن الرهائن وتسليم الجثامين، وهو ما دفع ترامب للترحيب باعتباره موافقة على خطته، على أن يجري لاحقاً استكمال مناقشة البنود عبر الوسطاء.
وأشار "ربيع"، إلى أن الحركة وجهت ثلاث رسائل رئيسية:
- أولها للمجتمع الدولي بأنها لا تمانع خطة السلام وليست ضد الإرادة العربية والإسلامية في وقف الحرب.
- الثانية للشعب الفلسطيني بأنها مع وقف نزيف الدماء.
- الثالثة لنتنياهو الذي وضعته في مأزق داخلي في حال رفض الخطة.
نقاط شائكة في الخطة
كما أوضح "ربيع"، أن النقاط الحساسة التي ستركز عليها حماس في المرحلة المقبلة تشمل تفاصيل إدارة غزة عبر مجلس السلام، ومستقبل سلاح المقاومة، إلى جانب ضرورة وجود جداول زمنية واضحة للانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
رؤية قانونية: توازن استراتيجي
من جهته، أكد الدكتور محمد مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، أن رد حماس يعكس توازناً استراتيجياً يجمع بين إيقاف المعاناة الإنسانية والحفاظ على الحقوق الفلسطينية الثابتة.
ولفت "مهران"، إلى أن موافقة الحركة على الإفراج عن جميع الأسرى وتسليم إدارة غزة لهيئة تكنوقراطية تنفي الادعاءات التي صورتها كعقبة أمام السلام، مشيداً بربطها القضايا المصيرية بموقف وطني جامع يستند إلى القانون الدولي، معتبراً ذلك دليلاً على نضج سياسي ووعي بمخاطر التفريط في الحقوق.
مخاوف من المماطلة الإسرائيلية
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المقبلة، وجه "مهران"، تحذير من محاولات إسرائيل استغلال الموافقة الجزئية لتحقيق مكاسب أحادية دون الالتزام بالانسحاب الكامل، مؤكداً أن ضمان نجاح الخطة يستلزم وجود ضمانات دولية وآليات رقابية صارمة، خاصة في ظل سجل إسرائيل الطويل من المماطلة وعدم الالتزام بالاتفاقيات.
كما شدد "مهران"، على أن رد حماس يضع معايير سليمة لتسوية عادلة تستند إلى الشرعية الدولية، مشيرًا إلى أن الجمع بين وقف المعاناة الإنسانية والتحفظ على أي مساس بالحقوق الأصيلة هو النهج الأمثل لتحقيق التوازن بين البعد الإنساني والحقوق السياسية.