بقلم حسن أبو العيلة
يعتبر الفساد بكافة اشكاله ظاهرة اجتماعية رافقت وترافق المجتمعات منذ بدء التكوين والخليقه ، ويكاد لا يخلو منها أي مجتمع ، ولكن مقياس التحضر للمجتمعات والدول هو قوة القوانين والانظمه التي تنتجها الدول في مواجهته وهي المعيار الحقيقي للحد من انتشاره ومحاربة اخطاره ، وهي ما يعزز مكانة السلطة الحاكمه امام مواطنيها من خلال تساويهم امام القانون فالكل امام القانون سواء حاكم ومحكوم.
لقد تداولت وسائل التواصل واكدت المصادر الرسمية فيما بعد انها احالة إلى التحقيق ملفات مسؤولين كبيرين هما وزير المواصلات ورئيس هيئة المعابر والحدود بتهم فساد ، وهنا لا بد من الانتباه لمسائل مهمه وهي :-
أولاً ... عندما نقول أن الإحتلال والفساد وجهان لعملة واحده انما يعني ذلك بالمعنى الحرفي والمجازي انهما يعملان معاً في ايقاع اكبر ضرر في المجتمع ويؤثران على استقراره ونماءه وحصانته وصموده ، أي ان الفاسدون هم احد ادوات الإحتلال في قهر الشعوب ولا تفسير غير ذلك.
ثانياً ... يجب أن ننتبه للتوقيت الذي تحرك فيه الملفات ، الإحتلال وكل اركانه ومن على كل المنابر يتهم السلطة بالفساد ، وفي هذا التوقيت الذي يتعاطف فيه العالم معنا انسانياً وقانونياً وسياسياً ويستعد لتعزيز صمودنا ودعمنا في ظل حرب الابادة التي يشنها الإحتلال على شعبنا ، يسقط ورقة التوت عن عورة الفاسدين و تدار عجلة الإعلام المعادي للتاثير على موقفنا السياسي والمالي والشعبي بهدف ضرب مناعتنا الوطنية وخلق الشروخ ما بين المواطن وسلطته الوطنية ومن ثم قهر المواطن واحباطه وقتل الحلم الوطني بالحرية والاستقلال ، وكذلك تشويه صورتنا امام المجتمع الدولي والاصدقاء بهدف ايقاع اكبر قدر من الخسائر بنا ، علماً ان الفساد كما اشرنا في كل المجتمعات هو ظاهرة طبيعية ، ولا ندافع هنا عن الفساد والفاسدين وإنما الهدف تبيان نوايا الإحتلال الخبيثه ، من هنا أيضاً يأتي الربط ما بين الإحتلال والفساد ، وهذا ما يجب أن يدفعنا لتعزيز قوانينا وانظمتنا الوطنية في مواجهة هذه الظاهرة وايقاع اقصى العقوبات بالفاسدين مهما علا شأنهم ، وأن تفتح ملفاتهم من جهات الاختصاص فلا حصانة لفاسد ، فحماية فاسد واحد توقع الضرر بالمجموع الكلي للمجتمع ، فالمحاسبة تعزز مكانة نظام الحكم في عين المواطن ، و اؤمن ايماناً قاطعاً أن لا مكان للصدفة في العمل الامني والسياسي ، وما اثير من قضايا فساد في هذا التوقيت لا يخرج عن دائرة الابتزاز السياسي .
ثالثاً .... كيف يعمل الإحتلال في استغلال الفاسدين المتنفذين وابتزاز مواقفهم السياسية والاقتصادية.
كما يعلم الجميع او لمن لا يعلم بأن كل النظام المالي والمصرفي لدينا يقع في اطار رقابة دولة الإحتلال ، أي أن الإحتلال يراقب كل حركات المال وتدفقاته الداخلية والخارجية ، بمعنى أن كل فاسد وله موقع سياسي أو اقتصادي او حتى اجتماعي هو مكشوف امام الإحتلال وبالتالي فإن هذا الوضع يمكن الإحتلال من مصادرة الارادة في القرار ويجعل من الفاسد المتحكم برقاب العباد اداة من ادواته ويستخدمه لخدمة اغراضه ، من هنا فعلى جهات الاختصاص المتابعة الجاده واتخاذ كافة الاجراءات والتدابير القانونية الصارمه لمحاسبة هؤلاء الثلة الفاسده وتعريتهم وتجريدهم من انسانيتهم فهم اشد عداوة وخطراً على الشعب ومشروعه الوطني من الإحتلال .
واخيراً ... و من باب النصح للثلة الفاسده الذين هم ضحايا انفسهم وجشعهم والاحتلال ، وحيث أن البشر خطاؤون ، وأن الله غفور رحيم ، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، أن يراجعوا جهات الاختصاص لتسوية امورهم بالسر والكتمان وارجاع ما استغلوه من مقدرات الشعب ، قبل أن يفضحهم الإحتلال بكشف حساباتهم وارصدتهم بعد أن يستنزفهم بهدف ضرب منعة شعبنا وصموده ، ويوم اذن لا ينفع الندم وسيحاسبهم الشعب كما كل الشعوب الحرة و الحية التي تحاسب الفاسدين وتقيم عليهم الحد بطريقتها ، والاحمق من لا يستفيد من تجربة غيره .
