البوابة 24

البوابة 24

مراحل تطور الصورة النمطية للعرب والمسلمين في العقل الغربي والأمريكي

خالد محمد صافي
خالد محمد صافي

بقلم أ.د. خالد محمد صافي

المتابع للسينما الأمريكية هيليوود يجد كثرة الأفلام في السنوات الأخيرة عن الإرهاب الإرهاب الإسلامي لتعزيز ظاهرة الاسلام فوبيا بعد الحادي عشر من سبتمبر. وبالتالي دخلت الصورة النمطية للعرب والمسلمين المرحلة الثالثة. فقد كانت المرحلة الأولى في بداية السينما العالمية أي بداية القرن العشرين حيث قدم العربي والمسلم بصورة نمطية تتمثل في الجمل والخيمة والترحال للنفي عن العربي صورة الشخص المتحضر المرتبط بمكان يشكل هويته الوطنية والقومية، وبالتالي نفي صفة الحداثة في الدولة المدنية الحديثة والمعاصرة عن العربي المسلم.  وبقيت هذه الصورة النمطية في العقل الأوروبي والأمريكي الروائي والسينمائي لعقود عدة. فأثناء دراستي للغة في معهد غوته في مدينة جوتنغن الألمانية سألني زميل من إيطاليا هل لديك جمال. فضحت لأني أدركت أنه لا زال أسير الصورة النمطية الغربية، وقلت له أنني أملك سيارتين حديثتين ولم أرى جملا من سنين. فنظر لي مستغربا فشرحت له نمطية الصورة الغربية وأنه لا يزال أسيرا لها. 
   ثم ظهرت المرحلة الثانية من الصورة النمطية في سنوات الخمسينيات والستينيات مع ظاهرة النفط، وتربع العالم العربي والإسلامي على رأس الدول المصدرة له. فصور العربي يلبس دشداشة بيضاء ويحمل حقيبة من نوع سمسونايت لملاحقة النساء الحسان، أو البحث عن شراء أسلحة بحيث يتم استغلاله واستغفاله لانه يقدم بالصورة الغبية الساذجة، أي ثراء الجيب وغباء العقل.  وهذا ربما ما دفع المفكر المصري نصر حامد أبو زيد في حوار جرى بيني وبينه عقب أحد محاضراته في ألمانيا إلى التمني بنفاذ البترول من العالم العربي لأنه حول العالم العربي وربما الإسلامي إلى عقل اتكالي. فمن يكتشف آبار النفط شركات أجنبية، ومن يستخرجه ويبيعه الشركات الأجنبية. وهي تكتفي بإعطاء حصه من الدخل للدول العربية. وبالتالي توقف العقل العربي عن العمل وأصبح عقلا استهلاكيا.
ثم جاءت المرحلة الثالثة من الصورة النمطية وهي تقديم العربي والمسلم كارهابي. وساعدت القاعدة وطالبان وداعش وهي الحركات الإسلامية السياسية التي قدمت الإسلام بشكله الدموي وليس الدعوي. فتم تنميط الصورة العربية المنافية للتعليم لاسيما المرأة، وتم التركيز على فكرة السبي لليزيديات والنيجيريات. بل قدموا على أنهم تجار أسلحة ومخدرات. وهذا وظف الصورة النمطية  السلبية من قبل الدولة العبرية التي حاولت الربط بين الإرهاب والإسلام، والإرهاب والعرب من أجل خلق عدو للغرب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي بفكره الماركسي. وبالتالي تبرز إسرائيل بأنها رأس حربة للغرب للدفاع عن القيم الغربية الديموقراطية ضد البربرية والوحشية العربية الإسلامية من أجل استمرار نيل التعاطف الغربي والمساعدة الغربية. وقد ألف نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي كتب عدة في هذا الاتجاه من أجل تحريض الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة من أجل ضرب العرب والمسلمين في العراق وافغانستان وحتى إيران. ومحاولة أيضا التحريض ضد أذرعها كما تصور الصورة النمطية مثل حزب الله والحوثيين وحتى حماس والجهاد الإسلامي لوصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. وكل ذلك يهدف إلى التحريض المستمر ضد العرب والمسلمين وقضية فلسطين. 
   إن كل ذلك يتطلب وعيا بما يحاك ضد العرب والمسلمين، وما يحدث من تنميط لصورتهم في العقل الغربي والأمريكي. وضرورة أن يتم التصدي لذلك بتقديم الاسلام بصورته الدعوية المعتدلة المدينية،  ونبذ التعبير الدموي للإسلام من قبل المنظمات الإسلامية المتطرفة. إذ لابد من تقديم خطاب إسلامي حضاري يؤمن بالتعايش والسلام. ويقدم القضية الفلسطينية. إنها قضية نضال وطني عادل في مواجهة الاحتلال. وقضية إنسانية في مواجهة الطغيان الصهيوني. وأن يتحول العرب إلى قوة انتاج معرفي وليس مجتمعا استهلاكيا. وأن يكون جزء من صناعة التاريخ وليس خارجا عنه في الإنتاج العلمي والمعرفي وصناعة القرار. 

غزة
19/2/2021

البوابة 24