حركة فتح: الريادة في الإصلاح وتطوير العمل الوطني الفلسطيني

 بقلم:موسى الصفدي

تُعد حركة فتح منذ تأسيسها عام 1965 من أبرز أعمدة النضال الوطني الفلسطيني، وساهمت بشكل مباشر في صياغة مسار القضية الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والدولي. ومع مرور العقود، ومع تزايد التعقيدات السياسية والاحتلالية والانقسامات الداخلية، بات من الضروري أن تقود فتح مبادرات الإصلاح والمراجعات الوطنية لتحديد طبيعة العمل السياسي الفلسطيني على كافة الصعد، بما يضمن استمرارية المشروع الوطني وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.

1. الإصلاح السياسي في السياق التاريخي تاريخ فتح مليء بالمحطات التي أظهرت إدراكها لأهمية الإصلاح السياسي الداخلي والتكيف مع المتغيرات. من أبرز الأمثلة: اتفاق القاهرة (1993): بعد توقيع اتفاق أوسلو، بادرت فتح إلى إعادة هيكلة مؤسساتها بما يتوافق مع متطلبات الانتفاضة السياسية الجديدة، مع التركيز على المشاركة الشعبية والتواصل مع المجتمع المدني الفلسطيني. إصلاحات الهيكل التنظيمي في أواخر التسعينيات: أدركت فتح ضرورة تحديث قيادتها وأنظمتها الداخلية لمواجهة تحديات الاحتلال وضرورة وجود قيادة أكثر مرونة واستجابة. تم حينها تعزيز دور اللجان التنفيذية والمجالس الإدارية لتكون أكثر فاعلية. مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني عام 1996: شهد مراجعة شاملة للقوانين الداخلية للفصائل الفلسطينية، بما في ذلك فتح، لتعزيز الشفافية وتحديد مهام القيادة وصلاحياتها، وهو نموذج لإصلاح داخلي يجمع بين الديمقراطية والمساءلة.

2. فتح والمراجعات الوطنية لم تقتصر جهود فتح على الإصلاح الداخلي فحسب، بل امتدت إلى مراجعات وطنية تهدف إلى تطوير العمل الفلسطيني بشكل شامل: تجربة المصالحة الفلسطينية: على مدى العقود الماضية، لعبت فتح دورًا محوريًا في حوار المصالحة مع حماس والفصائل الأخرى، مثل اتفاق مكة (2007) واتفاق القاهرة (2011)، بهدف تجاوز الانقسام الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية. مراجعة استراتيجيات المقاومة والدبلوماسية: أظهرت فتح مرونة في تعديل سياساتها بين المقاومة المسلحة والسياسية، مثل التفاعل مع المبادرات الدولية والدبلوماسية بعد أوسلو، وهو مثال على القدرة على التكيف مع التحولات الدولية دون التخلي عن الحقوق الوطنية. تفعيل المجتمع المدني والشبابي: خلال السنوات الأخيرة، بدأت فتح في إشراك الشباب والمرأة في صُنع القرار، وإدخال آليات جديدة لتقييم الأداء السياسي والمؤسسي، مما يعكس روح الإصلاح ومراجعة السياسات بما يتناسب مع متطلبات المرحلة

3. دور فتح في قيادة المبادرات الوطنية تاريخ فتح يؤكد أنها قادرة على قيادة المبادرات الوطنية والإصلاحية عبر أدوات متعددة: الحوار الوطني الشامل: فتح نظمت عدة لقاءات تشاورية مع الفصائل الفلسطينية، بهدف صياغة مواقف وطنية مشتركة تجاه القضايا الحساسة، مثل القدس، الاستيطان، والاعتراف الدولي بحقوق الفلسطينيين. التنسيق الدولي: لعبت فتح دورًا رئيسيًا في المفاوضات مع الأمم المتحدة والدول الكبرى، لضمان دعم الحقوق الفلسطينية، سواء عبر الانضمام إلى المعاهدات الدولية أو تقديم ملفات للمنظمات الدولية. بناء الكوادر القيادية: من خلال مؤسسات مثل "الجامعة الوطنية الفلسطينية" ومراكز التدريب، عملت فتح على إعداد جيل جديد من القادة الوطنيين قادر على مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

4. مستقبل العمل الوطني الفلسطيني يستند مستقبل العمل الوطني الفلسطيني إلى قدرة فتح على الجمع بين الإصلاح الداخلي والمراجعات الوطنية الشاملة، بحيث: تعزز الوحدة الفلسطينية وتضع حداً للانقسامات التي تعيق الفعل الوطني. تطوير المؤسسات الوطنية لتصبح أكثر فاعلية في خدمة المواطنين، بما يشمل تحسين آليات الحكم المحلي والإداري. إعادة بناء الثقة بين الشعب والقيادة عبر الشفافية والمساءلة والمشاركة الشعبية الفعلية في صنع القرار.

إن تاريخ حركة فتح الطويل ومواقفها التاريخية في قيادة الإصلاح والمراجعة الوطنية يؤكد أنها ليست مجرد فصيل سياسي، بل ركيزة أساسية لمستقبل العمل الوطني الفلسطيني. من خلال قيادتها لمبادرات الإصلاح الداخلي والحوار الوطني والمشاركة الدولية، تظل فتح قادرة على صياغة سياسات وطنية تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني وتحمي حقوقه المشروعة، وتضعه على طريق وحدة وطنية حقيقية ومستقبل سياسي مستقر.

البوابة 24