حياة مهددة ووجه مشوه: مأساة ندى في غزة

ندى أرحومة
ندى أرحومة

غزة/ البوابة 24 - رائد كحيل

ترقد الطفلة ندى أرحومة على سريرها المتواضع، جسدها النحيل ممدد بلا حراك، وجهها الطفولي الذي كان يفيض بالحياة، بات مشوهًا بالشظايا، والندوب، والكسور. لا صوت يخرج منها، ولا حركة، سوى أنين خافت لا يُسمع إلا لمن يقترب كثيرًا وكأنها تهمس للحياة أن لا تتركها.

يقول والدها، باكيًا والكلمات تتحشرج في حلقه: "كانت تأكل مع أخوتها داخل الخيمة، وفجأة سقطت شظايا القذيفة، فقدت عينها، وانكسر فكها، وتهشم وجهها. ندى كانت حلمنا، كانت الأولى في فصلها، كل المعلمات يحببنها.. نريد فقط أن تعود كما كانت."

بهذه الكلمات الموجعة، يروي والد الطفلة ندى عبد الرحمن أرحومة (15 عامًا) من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، تفاصيل اللحظة التي تغير فيها كل شيء. ندى، التي كانت تلعب ببراءة مع شقيقاتها داخل خيمتهم، تحولت إلى ضحية قصف مدفعي إسرائيلي مزق خيام النازحين، وحوّل ضحكتها إلى صرخات ألم.

 إصابة خطيرة تهدد الحياة

شظايا القصف اخترقت عين ندى اليمنى، وسببت تهتكًا شديدًا في الوجه والفكين والأسنان، ما أدى إلى تشوه بالغ واضطر الأطباء لتركيب أنبوب تنفس في رقبتها بسبب الكسور الحادة في الأنف. كما أن تسرب سوائل النخاع من محجر العين يشكل تهديدًا خطيرًا لحياتها.

ندى فقدت عينها اليمنى بالكامل، وتعاني من فقدان القدرة على الكلام والحركة، إضافة إلى فقدان جزئي للذاكرة. عينها اليسرى تواجه خطر العمى، كما تضرر عصب يدها اليمنى، مما يزيد من تعقيد حالتها الصحية.

يضيف والدها: "ندى كانت نشيطة وذكية، الأولى في فصلها، كل من عرفها أحبها… نريد أن تعود للدراسة، أن تنفع الناس، أن تعيش كما كانت تحلم."

تمثل حالة ندى أرحومة نموذجًا لمعاناة الجرحى من الأطفال في قطاع غزة نتيجة الحرب. وتؤكد التقارير الطبية حاجتها إلى تحويل عاجل لتلقي العلاج خارج القطاع بسبب خطورة إصابتها وتعقيدها.

يطالب ذووها والجهات الطبية بتسهيل إجراءات نقلها، وتوفير الرعاية اللازمة لضمان استقرار حالتها ومنع تفاقمها.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن نحو 15 ألف جريح في قطاع غزة بحاجة إلى تلقي العلاج خارج القطاع، وأن فتح الممرات الطبية بشكل دائم قد يُحدث "تغييرًا في المعطيات" بالنسبة لهم. وفي هذا السياق، أشارت جمعية العودة الصحية والمجتمعية إلى أن نحو 5200 طفل مصاب بحاجة إلى الإجلاء لتلقي العلاج، نظرًا لعدم قدرة المنشآت الطبية المحلية على التعامل مع حالاتهم الحرجة.

البوابة 24